الحوار.. وتعود أصول كلمة الحوار إلى الحور، وهو الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، يقال: حار بعدما كار، والحور النقصان بعد الزيادة. يختلف الحوار عن الجدال، في أن الجدل هو مقابلة الحجة بالحجة، والمجادلة هي المناظرة والمخاصمة، ويقال: جادلت الرجل فجدلته جدلا إذا غلبته.
لماذا الحوار؟ لتقريب وجهات النظر، للوصول إلى الهدف، لمعرفة الحقيقة دون تعصب أو جدل، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدوة حسنة، ومثال يحتذى به في تحاوره مع أصحابه ورسم معالم تطبيق مبادئ الحوار في تعامله مع جميع القضايا والملمات، التي حدثت إبّان بناء الأمّة.
فنحن بحاجة ماسّة إلى تفعيل الحوار بمنهجية عالية، وبخطة فاعلة من تحديد الموضوع للحوار حسب السياق، وتحديد المفاهيم، والآليات ضمانا لاسترسال الحوار بين الطرفين دون نزاعات أو خلاف، فضلا على اتسام الطرفين بالثقة والصدق يقول أرسطو: «إن الإقناع يتحقق من خلال شخصية المتكلم إذا أقنعنا كلامه بأنه صادق، فنحن نصدق بعض الناس أكثر من البعض الآخر».
فالحوار المبني على الصدق طريق لتحقيق الهدف المرجو والدافع المحرك للحوار، وهو وثيق الصلة والارتباط بالرسالة، ولا ينفك عنها، وعليه فقد يكون الهدف ناقصا إنْ لم يصل إلى غايته في كل الحوارات، والأشكال سواء تعليمية، عقدية، زوجية، تربوية، أسريّة... ونظرا لأهمية الأسرة باعتبارها نقطة انطلاق الجيل في ميادين الحياة، فلنسلط الضوء على الحوار الأسري، حوار يتم بين أفراد المنظومة الأسريّة؛ لغايات تربويّة عليا من غرس القيم والأخلاق، أو فض المنازعات وحل المشكلات، أو لمناقشات تتعلق بشؤون الأسرة من أمور وتتطلب قرارا أو توضيحا... وعليه تأتي المسؤوليّة الكبرى على (المربين) الأبوين في تحقيق الهدف، فهدف التربية، هو أن تصنع جيلا صالحا للإنسانية، وتنمي جميع إمكاناته الجسدية والفكرية والمعنوية.
إذن فنحن كمربين مدعوين إلى تنمية نشاطات الفرد وإشباع حاجاته بدءا من الأسرة، فهي اللبنة الأولى لتنشئة جيل صاعد يسمو بفكره وعقله المستمدة من أصول التربية القويمة القائمة على أُسس غاية في الأهمية أعلاها الحوار، التي تتجلى في مهارة تنويع طريقة الحوار، إما بأسلوب الأسئلة والمناقشة، أو وصف الحالة وعرضها، ثم أخذ الآراء ومناقشتها.
فالحوار الأسري نقطة الانطلاق نحو التعايش الاجتماعي بجميع أبعاده وأمر بالغ الأهمية، ويجب ممارسته بوعي لينشأ الجيل على ثقافة الحوار كمطلب ديني ووطني واجتماعي، ولا جدال، في أنّ الأبوين هما المنبع الأوحد في أساس الحوار مذ تلقين الطفل اللفظة الأولى وصولا إلى أن يتبلور فكره ضمن مداليل ومفاهيم بعيدة عن التسلط، والقمع، والخوف، ومظاهر القلق والاضطراب.
وبالمناسبة أقول: من خلال عملي كمستشار أسريّ لاحظت: أنّ معاناة الجيل والوقوف حيال الحياة بقاعدة الصمت والعزلة تعود إلى ترسبات من الماضي منشؤها التربية السلبية، وغياب لغة الحوار والتخاطب ممّا أفقدتهم ثقتهم وزعزعة فكرهم وأصبحوا مشلوليّ الحركة عاجزين.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أوجدوا لأنفسهم متنفسا بعيدا عن الإعلام الأسري إلى وسائل إعلامية مرتبطة بالعولمة من النت والشات والماسنجر... إلخ. وأصبحوا عرضة للابتزاز والاستقلال والدمار، وفي عزلة عن العادات والتقاليد والأعراف والقيم الأسرية والمجتمعيّة وسلبتهم قيمة التفاعل والتواصل الأسري وصيّرتهم عاجزين عن إيجاد علاقات مجتمعية مبنية على الحوار السليم.
والسؤال الآن: كيف نحول عملية الشجار الأسري العقيم إلى حوار إيجابي قائم على أسس متينة؛ حفاظا على كيان المجتمع من الشطط والفوضى والتيه، وما الذي يجب على الأسرة حيال ذلك؟
إن أفضل الآباء والأمهات والمربين، الذين يؤسسون قاعدة حوارية قائمة على الحب والتعاطف والفهم المشترك.. مناغاته وتقبيله وشمه واحتضانه ورعاية عواطفه ومواهبه كلها طرق حوارية بمنحيين لفظي وآخر غير لفظي. فالأسرة التي لا يشع فيها نور الحب والعطف المبني على الحوار، تكون أرضا خصبة للنفور والحرمان والدمار، والنتيجة المنطقيّة جيل غير مؤهل وغير قادر على الحوار والتواصل، لا سيما إنّ الدين الإسلامي هو دين الحوار، والله سبحانه وتعالى يقول: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).
فمن المسلمات الدخول في عالم الجيل، وتقديم المعلومات بشكل يتفق مع رغباتهم ومحاورتهم بما يتناسب مع ميولهم وقدراتهم وطموحهم ضمانا لتصحيح ما أعوج من سلوكهم باعتبار الحوار الأسري مفتاحا لتهذيب السلوك والتفكير المنطقي، وإدارة الذات والجرأة المقننة، ومواجهة الحياة بأسلوب علمي راقٍ، وزرع الثقة لحمايتهم من الانحرافات. وخلق جيل واعٍ قادر على التمييز بين أنواع الحوار «التسفيهي، الإيجابي، السلبي، العدمي، التعجيزي...»، وإعداده للانخراط من منظومة صغيرة (الأسرة) إلى منظومة أوسع وأشمل (المجتمع المتمثل في حوار الوطن) يحاور ويتواصل بقيم ثابتة، وقواعد راسخة لوطن يستحق العمل من أجله، ويذب عنه.
@masouma_alreda
لماذا الحوار؟ لتقريب وجهات النظر، للوصول إلى الهدف، لمعرفة الحقيقة دون تعصب أو جدل، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدوة حسنة، ومثال يحتذى به في تحاوره مع أصحابه ورسم معالم تطبيق مبادئ الحوار في تعامله مع جميع القضايا والملمات، التي حدثت إبّان بناء الأمّة.
فنحن بحاجة ماسّة إلى تفعيل الحوار بمنهجية عالية، وبخطة فاعلة من تحديد الموضوع للحوار حسب السياق، وتحديد المفاهيم، والآليات ضمانا لاسترسال الحوار بين الطرفين دون نزاعات أو خلاف، فضلا على اتسام الطرفين بالثقة والصدق يقول أرسطو: «إن الإقناع يتحقق من خلال شخصية المتكلم إذا أقنعنا كلامه بأنه صادق، فنحن نصدق بعض الناس أكثر من البعض الآخر».
فالحوار المبني على الصدق طريق لتحقيق الهدف المرجو والدافع المحرك للحوار، وهو وثيق الصلة والارتباط بالرسالة، ولا ينفك عنها، وعليه فقد يكون الهدف ناقصا إنْ لم يصل إلى غايته في كل الحوارات، والأشكال سواء تعليمية، عقدية، زوجية، تربوية، أسريّة... ونظرا لأهمية الأسرة باعتبارها نقطة انطلاق الجيل في ميادين الحياة، فلنسلط الضوء على الحوار الأسري، حوار يتم بين أفراد المنظومة الأسريّة؛ لغايات تربويّة عليا من غرس القيم والأخلاق، أو فض المنازعات وحل المشكلات، أو لمناقشات تتعلق بشؤون الأسرة من أمور وتتطلب قرارا أو توضيحا... وعليه تأتي المسؤوليّة الكبرى على (المربين) الأبوين في تحقيق الهدف، فهدف التربية، هو أن تصنع جيلا صالحا للإنسانية، وتنمي جميع إمكاناته الجسدية والفكرية والمعنوية.
إذن فنحن كمربين مدعوين إلى تنمية نشاطات الفرد وإشباع حاجاته بدءا من الأسرة، فهي اللبنة الأولى لتنشئة جيل صاعد يسمو بفكره وعقله المستمدة من أصول التربية القويمة القائمة على أُسس غاية في الأهمية أعلاها الحوار، التي تتجلى في مهارة تنويع طريقة الحوار، إما بأسلوب الأسئلة والمناقشة، أو وصف الحالة وعرضها، ثم أخذ الآراء ومناقشتها.
فالحوار الأسري نقطة الانطلاق نحو التعايش الاجتماعي بجميع أبعاده وأمر بالغ الأهمية، ويجب ممارسته بوعي لينشأ الجيل على ثقافة الحوار كمطلب ديني ووطني واجتماعي، ولا جدال، في أنّ الأبوين هما المنبع الأوحد في أساس الحوار مذ تلقين الطفل اللفظة الأولى وصولا إلى أن يتبلور فكره ضمن مداليل ومفاهيم بعيدة عن التسلط، والقمع، والخوف، ومظاهر القلق والاضطراب.
وبالمناسبة أقول: من خلال عملي كمستشار أسريّ لاحظت: أنّ معاناة الجيل والوقوف حيال الحياة بقاعدة الصمت والعزلة تعود إلى ترسبات من الماضي منشؤها التربية السلبية، وغياب لغة الحوار والتخاطب ممّا أفقدتهم ثقتهم وزعزعة فكرهم وأصبحوا مشلوليّ الحركة عاجزين.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أوجدوا لأنفسهم متنفسا بعيدا عن الإعلام الأسري إلى وسائل إعلامية مرتبطة بالعولمة من النت والشات والماسنجر... إلخ. وأصبحوا عرضة للابتزاز والاستقلال والدمار، وفي عزلة عن العادات والتقاليد والأعراف والقيم الأسرية والمجتمعيّة وسلبتهم قيمة التفاعل والتواصل الأسري وصيّرتهم عاجزين عن إيجاد علاقات مجتمعية مبنية على الحوار السليم.
والسؤال الآن: كيف نحول عملية الشجار الأسري العقيم إلى حوار إيجابي قائم على أسس متينة؛ حفاظا على كيان المجتمع من الشطط والفوضى والتيه، وما الذي يجب على الأسرة حيال ذلك؟
إن أفضل الآباء والأمهات والمربين، الذين يؤسسون قاعدة حوارية قائمة على الحب والتعاطف والفهم المشترك.. مناغاته وتقبيله وشمه واحتضانه ورعاية عواطفه ومواهبه كلها طرق حوارية بمنحيين لفظي وآخر غير لفظي. فالأسرة التي لا يشع فيها نور الحب والعطف المبني على الحوار، تكون أرضا خصبة للنفور والحرمان والدمار، والنتيجة المنطقيّة جيل غير مؤهل وغير قادر على الحوار والتواصل، لا سيما إنّ الدين الإسلامي هو دين الحوار، والله سبحانه وتعالى يقول: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).
فمن المسلمات الدخول في عالم الجيل، وتقديم المعلومات بشكل يتفق مع رغباتهم ومحاورتهم بما يتناسب مع ميولهم وقدراتهم وطموحهم ضمانا لتصحيح ما أعوج من سلوكهم باعتبار الحوار الأسري مفتاحا لتهذيب السلوك والتفكير المنطقي، وإدارة الذات والجرأة المقننة، ومواجهة الحياة بأسلوب علمي راقٍ، وزرع الثقة لحمايتهم من الانحرافات. وخلق جيل واعٍ قادر على التمييز بين أنواع الحوار «التسفيهي، الإيجابي، السلبي، العدمي، التعجيزي...»، وإعداده للانخراط من منظومة صغيرة (الأسرة) إلى منظومة أوسع وأشمل (المجتمع المتمثل في حوار الوطن) يحاور ويتواصل بقيم ثابتة، وقواعد راسخة لوطن يستحق العمل من أجله، ويذب عنه.
@masouma_alreda