خالد الشنيبر

في الوقت الحالي نجد انتعاشا قويا لمنصات الخدمات التشاركية الإلكترونية في السوق السعودي، وتعتبر المملكة من أكثر الدول العربية تقدما في استخدام مفهوم «الاقتصاد التشاركي» في عمليات التجارة الإلكترونية نتيجة المتغيرات العديدة، التي طرأت على الاقتصاد السعودي بعد إعلان رؤية المملكة 2030.

قبل عدة أيام قرأت خبرا صحفيا عن خسارة إحدى الشركات العالمية المختصة في النقل التشاركي لمعركة قانونية حاسمة في المملكة المتحدة، حيث أيدت المحكمة العليا في المملكة المتحدة قرارا يقضي بأن السائقين المسجلين في الشركة يعتبرون عمالة وليس مقاولين مستقلين، وينبغي على الشركة منحهم الحد الأدنى من الأجور والمميزات الأخرى، وفي هذا المقال سأتطرق لمستقبل منصات الخدمات التشاركية الإلكترونية في المملكة وأهمية وجود حماية عمالية لمقدمي الخدمات من خلاله.

ما حصل في هذه القضية، خاصة في هذا الوقت، الذي خسر فيه العديد من البشر لوظائفهم بسبب تداعيات أزمة فيروس الكورونا قد يتسبب في أزمة عالمية غير مسبوقة، وقد تتعدى تلك الأزمة حدود المملكة المتحدة، وتشمل اقتصاد الوظائف المؤقتة في شتى المجالات، وسيطالب العديد من مقدمي الخدمات في تلك المنصات بأنظمة حماية عمالية لهم حسب الأنظمة المتبعة في أسواق العمل، التي يقدمون خدماتهم فيها.

مصطلح «الاقتصاد التشاركي» بدأ بالظهور منذ بداية القرن الحادي والعشرين، متأثرا بأنظمة العمل الجديدة بسبب التطور التكنولوجي، بالإضافة للحاجة لمواجهة النمو السكاني العالمي، الذي قد يؤثر في قدرة الحياة مستقبلا، ونموذج العمل الذي تقوم عليه منصات الخدمات التشاركية الإلكترونية سيكون هو المستقبل الوظيفي لسنوات قادمة طويلة، وبالرغم من كون تلك المنصات مجرد «أداة ربط» إلا أن تطوير هذا النموذج سيساهم في تقليل معدلات البطالة وتحسين الدخل، بالإضافة لإيجاد مصادر دخل مساندة لكثير من مقدمي الخدمات في تلك المنصات، ولذلك أرى أهمية لوجود سياسة حماية للعمالة «مقدمي الخدمات» في تلك المنصات، خاصة لمَنْ ليس لديه وظائف دائمة.

كوجهة نظر شخصية أرى أن مقدمي الخدمات المسجلين في تلك المنصات التشاركية الخدمية «مَنْ لا يمتلكون أي وظيفة دائمة» لا تنطبق عليهم شروط البطالة في المملكة، ولذلك من المهم تقديم حماية عمالية لهم تبدأ بإيجاد «آلية خاصة» لتسجيلهم بنظام الأخطار المهنية في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، بالإضافة لأهمية وجود سجل وظيفي لهم معتمد من المنصة الوطنية الموحدة التوظيف، التي تم إقرارها مؤخرا، ويحتوي على ملخص لخدماتهم المقدمة ليساعدهم مستقبلا عند تقديمهم لأي وظائف شاغرة دائمة.

الاقتصاد التشاركي حل جذري للعديد من التحديات، التي تواجهها اقتصادات الدول «إنفاق المواطن، البطالة، التلوث البيئي، التراكم المعرفي»، وما زلت أرى أننا بحاجة لمزيد من التشريعات والتنظيمات وبشكل عاجل للاستفادة من هذا التحول الكبير، فاليوم نحن أمام تحديات كبيرة لحماية المنشآت الحالية، بالإضافة لولادة منشآت جديدة في شتى المجالات مما ينعكس ذلك على أعداد الفرص الوظيفية بجميع أنواعها في سوق العمل بالمملكة، ومن الصعب التعامل مع معدلات البطالة بدون حماية لتلك المنشآت، بالإضافة لولادة منشآت جديدة في السوق.

ختاما: تطوير ودعم نموذج العمل في منصات الخدمات الإلكترونية التشاركية سيكون ذراعا قوية لتقليل معدلات البطالة في المملكة، خاصة للعنصر النسائي، ولا أعتقد أن هذا الأمر صعب على سوق عمل يتطور تدريجيا بعد سنوات من الإصلاحات الاقتصادية، وبنفس الوقت لا أعتقد أن هذا الأمر سيكون صعبا على اقتصادنا، الذي يعتبر من الدول المتقدمة في مجال استخدام التقنية الحديثة، ويملك رؤى طموحة.

Khaled_Bn_Moh@