فورين بوليسي

قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية إن الموظفين الحكوميين في إيطاليا باتوا كبش الفداء للأزمة الاقتصادية التي يتعين على السياسيين معالجتها.

وبحسب تقرير للمجلة، بعد ما يقرب من عام من بدء سريان أول إغلاق على مستوى البلاد في إيطاليا، تسببت جائحة فيروس كورونا في ركوع اقتصاد البلاد الهش. ولفت إلى أن الوضع أدى إلى تصاعد الاستياء الطبقي، لكنه ليس موجها إلى الأثرياء، موضحا أن كثيرا من الإيطاليين يوجهون إحباطهم المتزايد ضد موظفي الخدمة المدنية وغيرهم من الموظفين العموميين، الذين تحمي وظائفهم عقود تستبعد تسريح العمال والإجازات.

وأردف يقول: يبدو أن العاملين الحكوميين هم كبش الفداء المثالي لأزمة الأمن الوظيفي في إيطاليا.

وأضاف: لا عجب أن الكثير من الناس قد رأوا أنهم يتمتعون بامتيازات غير عادلة وسط عمليات الإغلاق.

ومضى يقول: هناك 3.2 مليون موظف حكومي في إيطاليا، ويشكلون 14% من إجمالي القوى العاملة، من بينهم 1.2 مليون موظف في المدارس والجامعات، وحوالي 650 ألف عامل في مجال الرعاية الصحية، و570 ألفا من الشرطة والقوات المسلحة، إلى جانب موظفي الخدمة المدنية. وتابع: لكن منذ فبراير 2020، تمت خسارة أكثر من نصف مليون وظيفة في إيطاليا، ومن المرجح خسارة المزيد عندما ينتهي حظر التسريح الشهر المقبل.

وأردف التقرير يقول: سبقت المشاكل الاقتصادية في إيطاليا الوباء، وتواجه البلاد الآن لحظة محورية. قبل استقالة رئيس الوزراء آنذاك جوسيبي كونتي في يناير 2021، وافقت حكومته على خطة طموحة بقيمة 268 مليار دولار للتعافي الاقتصادي.

وأوضح أن مهمة إدارة هذه الخطة تقع الآن على عاتق رئيس الوزراء الجديد ورئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي. لكن الغضب العام الموجه إلى موظفي الحكومة طغى حتى الآن على نقاش جاد حول السياسة العامة حول انتشار البطالة والأمن الوظيفي وانخفاض الأجور.

وأضاف: أثارت وسائل الإعلام الرئيسية من مختلف الطيف السياسي وحتى السياسيين رفيعي المستوى المشاعر المريرة، تاركة موظفي الخدمة المدنية أنفسهم قلقين بشأن العداء المتزايد.

ومضى يقول: وزير الإدارة العامة الجديد ريناتو برونيتا معروف بالفعل بعدائه لموظفي الحكومة. عندما شغل نفس المنصب في عهد رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني من 2008 إلى 2011، انتقد برونيتا «الكسالى» وأقر إصلاحا يفرض عقوبات على موظفي القطاع العام الذين يأخذون إجازات مرضية. وأردف التقرير يقول: كان لدى إيطاليا سوق عمل شديد التنظيم. حظرت المادة 18 من قانون العمال، قانون 1970، الشركات المتوسطة والكبيرة الحجم من تسريح الموظفين دون سبب وجيه وأجبرتهم على إعادة توظيف الموظفين الذين تم تسريحهم بشكل غير عادل. لكن الإصلاحات التي تم إدخالها في السنوات الـ 15 الماضية جعلت الوظائف أقل أمانا.

وأشار إلى أنه تم إضعاف قانون السبب العادل من خلال تشريعات 2003 التي سهلت استخدام العقود المؤقتة، وتم إلغاؤها بالكامل في عام 2014. ولا تشير التشريعات هذه صراحة للعاملين في القطاع العام، مما أدى إلى إنشاء سوق عمل مزدوج المسار حيث لا يزال الموظفون الحكوميون يتمتعون بمعدلات أعلى بكثير من الأمن الوظيفي من نظرائهم في القطاع الخاص.

وأوضح أن هذا المعيار المزدوج طالما أثار بعض السخط في إيطاليا. ونقل عن أستاذ الاقتصاد في كلية سانت آنا للدراسات المتقدمة في بيزا بإيطاليا، أندريا روفينتيني، قوله: طالما كان الاقتصاد يسير على ما يرام، كان هناك عقد اجتماعي غير معلن مفاده أن يحصل الموظفون العموميون على أجور أقل ولكن وظائف أكثر أمانا. منذ أن أخذ الاقتصاد الإيطالي منحى يسارا، أصبحت هذه الوظائف أكثر جاذبية لأن القطاع الخاص بدأ يدفع أقل وأصبح أكثر خطورة.

ولفت التقرير إلى أن تلك المظالم وصلت إلى مستويات جديدة مع عمليات الإغلاق، أولا في مارس ثم في نوفمبر 2020.