عبدالرحمن المرشد

ضجيج الحياة المدنية وضغوط العمل تجبر الشخص على طلب الراحة في مواقع مليئة بالهدوء والسكينة بعيدا عن التطور والحضارة والأبراج العالية والمباني الأسمنتية.. الكثير من الناس عندما يرغب في أخذ إجازة يفضل الذهاب إلى تلك المنازل الطينية القديمة وزيارة القرى بطابعها التقليدي والصلاة في مساجدها بتصميمها التراثي قبل النقلة الحديثة.

يوجد في المملكة ظاهرة منتشرة وهي ترميم الكثير من القرى التراثية بطابعها التقليدي، وهناك أمثلة كثيرة على هذا التحرك مثل قرية (أوشيقر والكثير من بلدات سدير والدلم وسدوس وغيرها) حيث تشاهد قرية كاملة بحاراتها وشوارعها ومساجدها ودكاكينها تم ترميمها بشكلها الكامل القديم ليأخذك الخيال عندما تتجول بين طرقها وكأنك تعيش في الماضي قبل 100 سنة وأكثر، وهي مبادرات جميلة تستحق الشكر ولكن لا يستطيع الزائر لمثل تلك المواقع ـ وبالذات أن الأغلب يأتي من مسافات طويلة ـ أن يستمتع سوى لساعات قليلة ثم يعود أدراجه عبر طريقه الطويل الذي أتى منه، وهي عملية شاقة تجعل الشخص يفكر كثيرا قبل زيارة تلك القرى التراثية.

الفكرة جميلة ولكن تحتاج بعض التطوير ـ في رأيي ـ أن البنية الأساسية متوافرة وهي وجود الموقع التراثي بشكله الرائع القديم الذي يعتبر مصدر جذب سياحي هام خاصة في ظل توجهنا لتفعيل وتطوير السياحة الداخلية، ولكن نحتاج إلى عمل سوق تراثي شعبي بالقرب من تلك القرية وكذلك بناء بعض (النزل) التراثية التي تتماشى مع طبيعة البناء في الموقع، ويفضل تخصيص أحد المنازل القديمة لهذا الغرض لأن الزائر من مسافات طويلة يرغب السكن لمدة يوم أو يومين للراحة من عناء السفر وكذلك لأخذ قسط من الراحة وسط الحارات والأزقة الريفية والتسوق من متاجرها الشعبية.

أعتقد أننا لو طبقنا هذا المفهوم سنعمل على تفعيل ما يسمى السياحة الريفية التي نحتاجها لتدعيم هذا القطاع، كما أن الكثير من الناس يرغب في الذهاب إلى الريف والابتعاد عن ضجيج الحياة المدنية والعيش هناك وسط الطبيعة البكر، وهي عامل نفسي يقبل عليه الكثير بحكم أن النفس البشرية مجبولة على حب القديم والتعلق به وتذكر مراحل الصبا والأهل والأحباب الذين عاشوا قبل سنوات.

تفعيل السياحة الريفية سيحقق الكثير من المداخيل لأهالي المنطقة وسينشط السياحة بشكل أكبر ولكن يتبقى المبادرة من وزارة السياحة، وأعتقد أن ساكني كل منطقة ينتظرون الدعم اللوجستي للانطلاق والبدء بمشاريعهم الخاصة.

almarshad_1@