د. محمد حامد الغامدي

n أليس من حقي رفع الصوت للمطالبة بإنقاذ شجر العرعر من الموت؟ أليس من حقي الدفاع عن بيئة أراها، علميا، تتدهور يوما بعد يوم؟ أليس من حقي أن استدعي نخوة الغيورين على فعل شيء لصالح بيئة الأجيال القادمة الاستراتيجية؟ لكن هل من حق الجهات المسئولة السكون، والسكوت، والتجاهل؟ أين دور الجامعات السعودية بأقسامها العلمية، ومراكز أبحاثها وعلمائها ودراساتها العليا؟ الأمر محير بالفعل.

n موت شجر العرعر الجماعي رسالة للجميع، في تجاهل قراءتها منقصة وجريمة بيئية، يجب منع استمرارها، للحد من أضرارها لصالح الماء وتغذية المياه الجوفية، وحياة الأجيال القادمة. البيئة هي التي تستحلب السحاب، وتجعله يدر مطرا يعزز الحياة. البيئة أيضا تجعل السحب المحملة ببخار الماء تجفل، بعيدا في ظل فقد الغطاء النباتي.

n لماذا لا تهتز المرجلة وتتحرك من الجميع؟ هناك إجابات مخيفة ومقلقة. في عدم طرحها ستر لعورة فاضحة. لماذا لا يعني موت شجر العرعر شيئا للجهات المسئولة؟ كأن الجميع يبارك موته كعدو. أليس هذا مؤشر جهل ضارب بأعماقه في نفوس خاوية، وأنانية، ولاهية؟ لا أشتم أحدا بهذا الكلام، لكن أقول هذا لتحريك مياه غدير (المسئولية) الراكد، والتي تزيد من علامات تعجبي واستنكاري.

n إن النتائج البيئية السلبية تظهر ببطء، في نهاية المطاف تشكل أكبر لطمة، وكارثة في وجه أجيالنا القادمة. عندها لن تنفع الحلول. حيث تصل البيئة لمرحلة تلفظ إنسانها خارجها، وتحكم عليه بالإعدام موتا، أو الإقصاء بتهجيره هربا من الموت.

n هناك أجوبة مطروحة، واجتهادات أفكار، وتساؤلات ليس لها نهاية. وسط طحنها وغياب أجوبتها العلمية، تموت هذه الأشجار في صمت. تموت واقفة في عزلة دون رحمة. وقد انقطع الناس عن التواصل معها. يرونها ويعبرون دون أن تلفت نظرهم. دون أن تهتز نخوتهم، وشهامتهم، وحميتهم، وغيرتهم. أي مصيبة وصلنا لها مع هذا الوضع الغريب والعجيب والمريب؟

n هناك من يتحذلق ويقول: أهلكتنا بالحديث عن شجر العرعر؟ وقد يصل بهم الأمر حد القول: خلاص فهمنا يا أخي أن شجر العرعر يموت. وقد قالوها أيضا مع دفاعي عن المياه. تقول العرب: الناس عدو ما تجهل. هناك من قال أيضا بكلام حجبه احتراما لكم. وصل الأمر بالبعض حد القول بأن شخصي عميل لجهات لا تريد الخير للبلد. وهناك حكايات مضحكة ومبكية ومستنكرة.

n هل يعني هذا أن هناك على كراسي المسئولية أكثر جهلا بأهمية شجر العرعر للشريط البيئي المطير وللأجيال القادمة؟ أمام الأجوبة التي تفرض نفسها، أتجاهل تقاعسهم، وأمضي في الدفاع عنه. وذلك عن إيمان بأهمية رسالتي والحديث الدائم عنها. إنني أقوم بدوري، لكن دور البعض لا يتعدى كلمات الإحباط الجاهلة والقاتلة والمنافقة.

n في هذا الشأن الوطني الهام، استطيع وضع فرضيات عديدة، تحدد أسباب موت شجر العرعر الجماعي. وقد نوهت عنها في كتابات سابقة. وقد ناديت بضرورة جعل المنطقة المطيرة في جبال الحجاز والسراة محمية مطرية، وذلك كحل نهائي يختصر كل جهد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

n ناديت أكثر من مرة، وذلك كجزء من حل نهائي يختصر كل جهد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بضرورة تعزيز سلامة هذا الشريط المطير، وذلك بوقف النشاط البشري العمراني داخل مساحته الضيقة والمحدودة، والتي تفشت كمرض السرطان في جميع أنحاء مساحته المحدودة. ناديت بوقف جميع أشكال التنمية وترحيلها مع البشر خارج هذا الشريط المطير.

n ما يجري في هذا الشريط المطير أشبه بعملية قتل بيئي متعمد وغير مسئول. تنمية عمرانية عشوائية قاتلة للبيئة، انتشرت وتفشت في هذا الشريط. كنتيجة أصبح الضرر البيئي يتعاظم على حساب الغطاء النباتي، وعلى حساب التربة النادرة، وعلى حساب المناخ، وعلى حساب سلامة البيئة والمياه. ويستمر الحديث بعنوان آخر.

twitter@DrAlghamdiMH