نادية مشاري العتيبي

أخذتني سوابح فكري في خلوة عميقة مع ذاتي عن سبب اختلاف القبول بين الناس! ما الذي يجعل أحد الأشخاص قريبا من الآخرين وجميع ما يصدر منه سهل التلقي ومرحب به! بينما شخص آخر تجد نفسك لا تستطيع قبوله بأي شكل من الأشكال، ولا تقدر أن تجبر نفسك على لقياه مهما كانت مساحة التقاطع بينكما كبيرة في الحياة حتى لو لم يحدث بينكما أي خلاف يذكر.

على الأغلب أننا جميعا نعرف أشخاصا لديهم كاريزما معينة يتمتعون فيها بالثقة والسحر، علاقاتهم مع مَنْ حولهم تنساب دون أقل مجهود يذكر! بكل سلاسة يحوزون المحبة والإعجاب والانسجام الملموس داخل مجتمعهم المحيط، أشخاص قادرون على ترك انطباع إيجابي ومستمر أينما ذهبوا، كأنهم الضياء والنور يستثيرون الابتسامة والانبهار ويحصلون عليها بكل ترحاب ولا يمكن نسيانهم، كزجاجة عطر عتيق كلما فاح في المكان زاده عبق أصيل وثابت دون ادعاء أو تظاهر.

كذلك بالمقابل نجد أشخاصا تدركهم أرواحنا بطبيعتها، التي وهبنا الله إياها في استشفاف الخلق، لا يمتلكون الكاريزما والقبول لدى الآخرين برغم محاولاتهم الجاهدة، وغالبا تكون غير صادقة لأنها آتية من الرغبة العشوائية في البروز واكتساب المحبة غير المستحقة، هؤلاء تفضحهم طبيعتهم الحقيقية في المواقف، لا يستطيعون الاستمرار بتقمص دور ليس لهم، فالتصنع مرهق، قصير المدى والطبع يغلب التطبع..

إن التأثير الحقيقي هو علامتك الشخصية المتفردة، التى نجدها ترتكز بشكل كبير على مستوى الإتقان، الذي أصبحت عليه عندما تعتاد فن الكاريزما، إضافة إلى تأثيرك النابع من وجدانك وشخصك السليم الخالي من السلبية والأحقاد ومعكرات القلوب.

سر الجاذبية لا يزال خافيا لم تكتمل أركانه، كلما انكشف منه سر خبى الآخر، الجميل جميل القلب والروح، خفيف النفس نقي السريرة، وما زاد فوق ذلك، فهو بدائع الكاريزما وبصمتك الخاصة..

وأخيرا لا نختلف أن من علامات حب الله تعالى أن يضع لك القبول والمحبة بين خلقه: ملائكته وإنسه وجنه، كما ورد في الحديث الصحيح: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أحب الله العبد نادى جبريل إنَّ الله يحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض»، وليس من نعمة أبلغ من أن يتذكرك القاصي البعيد، فيدعو لك من شغاف قلبه رافعا يديه للسماء أن يوفقك ويسددك..

@Nadia_Al_Otaibi