شيخة العامودي

عندما تستكين المشاعر، هالة من الرضى تحيطك، تظهرك بأحسن صورك النفسية، تضاء ملامحك، تزهر قسمات أحاديثك، يصح بدنك، تشع إضاءة عينيك.

لاستكانة المشاعر وصفة ليس لها مقادير محددة يجب أن تلتزم بها كمقادير صناعة الحلوى وليس لها منهج محدد تتبعه للتطبيق كمادة وطرق تدريسها، إنما تخضع لعناوين مترامية الأطراف من ضمنها الرضى والقناعة والاستسلام، ثلاثى إذا اجتمع استكانت المشاعر وتوجتك براحة البال، فالرضى يقصي مفاهيم التسخط فتقنع باستسلام كل ذلك يقودك لإيجابية في كل الأمور.

البعض يعاني من سلبية في تفسير الأحداث وفي إصدار الأحكام فتصاب روحه بقصور في تقييم الأشياء فتجده مثلا يسير في حديقة غناء يلتفت لسورها الذي انهدم جزء صغير منه وينسى باقي الأجزاء وما أحاطته مما لذ وطاب، يعود من تلك الرحلة حديثه في السيارة أو عند الاجتماع بالأصحاب «بالأمس كنت في حديقة متهدمة الأسوار».

عجبا وأين الأزهار وانتشارها بأزهى الألوان والأشجار واختلاف أطوالها وظلالها المنتشرة في كل مكان ومظلات الرواد متباينة الأحجام ومعظم السور الأبيض الخالي من التصدعات والكراسي المنتشرة بنظام للاستراحة والتي استضافتك وأنت تشرب كأس عصير بارد انعشك جميل المذاق؟!

قد ينتقد صفا من النمل «لماذا يسيرون بنظام؟» فقد جعلوه يتوقف ولا يتأمل ما يحملونه من أثقال ويمضون برضى مسيرين بإعجاز.

السلبية العدو اللدود لاستكانة المشاعر فهي تناهض الرضى والقناعة فيفلت زمام الاستسلام، ترى متلبسها في كل حديث معترضا صاخب الصوت ينتقد كل شيء حتى نفسه، يريد الجميع أن يكون في قالبه يرون تلك الحديقة من زاوية نظره.

يخبئ الإيجابيات كأنها حلي غالية الأثمان وكأنه بخيل لا يراها، لا يتحدث عنها بل يحيلها لمقبرة النسيان فإن تذكرها ذعر وأهال عليها مزيدا من إخفاء.

ذاك المسكين محروم من استكانة المشاعر، ويزهو الإيجابي بها بكل غنج فتجده في المحافل متصدرا الحضور ينظر لك لا يلتفت لأي علة تواكبك بل يقصي كل ما شأنه يشتت جمالياتك ويركز على ما يجعلك به فخورا، يتلمس الأعذار راضيا قنوعا مستسلما للأنماط البشرية بل لكل ما يجانبه في الكون.

أعرف إيجابيا كلما رأى نقصا تعامل معه كجملة يكمل بها الفراغ فيقول: «لولا تلك الثغرة في السور لما استطاع عابر خارج الحديقة أن ينظر لجمال الزهور».

تلك الفئة من البشر صادقهم وسايرهم فإيجابيتهم ستنعكس على حياتك وستتوسد في ثنايا روحك معاني استكانة الشعور.

ALAmoudiSheika@