كلنا نبحث عنها بشتى الوسائل سواء صرحنا بذلك جهرا أو كتمانه سرا. ولا يوجد استثناء لأحد منا لهذا البحث الدؤوب عنها. ولو فكرنا عميقا لوجدنا أن كل أفعالنا وأقوالنا، وسكناتنا وحركاتنا هو من أجلها. بل حتى أن أعظم صور العطاء والبذل والتضحيات الظاهرة يكون في باطنها من أجل الشعور بها، ومن أجل أن نعيشها ولو سويعات في العمر. إنها أيها القراء الأفاضل (السعادة)، والتي قال عنها الفيلسوف أرسطو: إنها غاية كل إنسان.
ولو تأملنا جيدا كل ما نقوم به من أعمال صغيرة أو جليلة سواء كان دراسة أو عملا أو زواجا أو صداقة أو علاقات عامة أو حتى في العبادة (وهي طاعة لله) هو بحث عن الشعور بها. وفي كل مرة تراجع نفسك مليا ستجد أنك ستصل تلقائيا إلى نفس الهدف (السعادة). وهي ليست موضوعا جانبيا أو ثانويا، بل رئيسيا في حياتنا، ومؤرقا جدا ومؤلما لمن ضاعت منه، ومع ذلك نغفل عنها في دوامة الحياة!
ولهذا السبب أتجاذب معكم الحديث في هذا الموضوع. بالإضافة إلى ما سبق، فإن اليوم (20 مارس) يوافق «اليوم العالمي للسعادة». وقد قالت عنه هيئة الأمم: «دشنت الأمم المتحدة 17 هدفا للتنمية المستدامة يراد منها إنهاء الفقر وخفض درجات التفاوت والتباين، وحماية الكوكب، وهذه تمثل في مجملها جوانب رئيسية يمكنها أن تؤدي إلى الرفاه والسعادة». وهذا الجانب هو مهم، ولكنه ليس السر في الوصول إليها لأنه الوجه المادي الملموس دون المحسوس. ولعل البعض يعتقد أنها موجودة في المقتنيات والممتلكات والأشياء المادية البحتة والتي يمكن أن يشتريها بالمال. ولو كان المال هو الحل لكان كل ذي مال سعيدا، ولكن الواقع لا يؤكد ذلك، بل يخالفه. والذي يوضح أنها لا تقع في أحضان المال قوله عليه الصلاة والسلام: «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».
وكان الكاتب الروسي الشهير تولستوي له وجهة نظر مختلفة عن معنى السعادة والحياة بعد أن عاش دهرا من الزمن في معاناة طويلة، وإحساس بالشقاء، والفراغ الداخلي. مع أنه كان يملك ثلاثة مقومات ينبغي لها أن تجعله يطير من الفرح الدائم، والسعادة المتجددة، وهي المال والشهرة والشباب. ولكنه ذكر في كتابه (اعتراف) أن المعرفة المبنية على العقل وحده لا معنى لها! فقال: «لأن الإيمان قد منحهم كما منحني قوة على إدراك معنى الحياة، وحمل أثقالها بفرح وصبر، وقد وجدت هذه الحقيقة في بلدان عديدة غير بلادي».
والبعض يعتقدها محصورة في البذل والعطاء لأنه يهبه ذلك الشعور بهدف أسمى في الحياة من الذات والأنانية. فهو يرتقي فوق حظوظ النفس من أجل مشاركة من حولك بوقتك أو علمك أو مالك أو حتى مواساة الآخرين معنويا والوقوف بجانبهم في أوقات الأزمات والشدائد. والشاعر يقول: ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة... يواسيك أو يسليك أو يتوجع.
وهناك جزء منها مرتبط ارتباطا وثيقا بالرضا على أي حال كنت. وهذا يفسر تلك الكلمة المشهورة التي جاءت في وصف بعض من الذين عاشوها على أرض الواقع، وهي: أن الدنيا (الأشياء المادية) كانت في أيديهم، وليست ساكنة في قلوبهم. ويشهد لهذا المعنى العميق الجملة البليغة التي قالها ابن تيمية -رحمه الله-: جنتي في صدري.
وأما الإمام الغزالي -رحمه الله- فقد تساءل في كتابه (كيمياء السعادة) عن أعظم اللذات؟ فجاء الجواب واضحا وصريحا بقوله: «إن اللذة والسعادة لابن آدم معرفة الله سبحانه وتعالى».
وأعتقد أن السعادة هي من المسائل المشاكسة والمخادعة! ولكنها بعد توفيق الله هي ترتكز على ثلاثة أعمدة: الإيمان والرضا والعطاء.
abdullaghannam@
ولو تأملنا جيدا كل ما نقوم به من أعمال صغيرة أو جليلة سواء كان دراسة أو عملا أو زواجا أو صداقة أو علاقات عامة أو حتى في العبادة (وهي طاعة لله) هو بحث عن الشعور بها. وفي كل مرة تراجع نفسك مليا ستجد أنك ستصل تلقائيا إلى نفس الهدف (السعادة). وهي ليست موضوعا جانبيا أو ثانويا، بل رئيسيا في حياتنا، ومؤرقا جدا ومؤلما لمن ضاعت منه، ومع ذلك نغفل عنها في دوامة الحياة!
ولهذا السبب أتجاذب معكم الحديث في هذا الموضوع. بالإضافة إلى ما سبق، فإن اليوم (20 مارس) يوافق «اليوم العالمي للسعادة». وقد قالت عنه هيئة الأمم: «دشنت الأمم المتحدة 17 هدفا للتنمية المستدامة يراد منها إنهاء الفقر وخفض درجات التفاوت والتباين، وحماية الكوكب، وهذه تمثل في مجملها جوانب رئيسية يمكنها أن تؤدي إلى الرفاه والسعادة». وهذا الجانب هو مهم، ولكنه ليس السر في الوصول إليها لأنه الوجه المادي الملموس دون المحسوس. ولعل البعض يعتقد أنها موجودة في المقتنيات والممتلكات والأشياء المادية البحتة والتي يمكن أن يشتريها بالمال. ولو كان المال هو الحل لكان كل ذي مال سعيدا، ولكن الواقع لا يؤكد ذلك، بل يخالفه. والذي يوضح أنها لا تقع في أحضان المال قوله عليه الصلاة والسلام: «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».
وكان الكاتب الروسي الشهير تولستوي له وجهة نظر مختلفة عن معنى السعادة والحياة بعد أن عاش دهرا من الزمن في معاناة طويلة، وإحساس بالشقاء، والفراغ الداخلي. مع أنه كان يملك ثلاثة مقومات ينبغي لها أن تجعله يطير من الفرح الدائم، والسعادة المتجددة، وهي المال والشهرة والشباب. ولكنه ذكر في كتابه (اعتراف) أن المعرفة المبنية على العقل وحده لا معنى لها! فقال: «لأن الإيمان قد منحهم كما منحني قوة على إدراك معنى الحياة، وحمل أثقالها بفرح وصبر، وقد وجدت هذه الحقيقة في بلدان عديدة غير بلادي».
والبعض يعتقدها محصورة في البذل والعطاء لأنه يهبه ذلك الشعور بهدف أسمى في الحياة من الذات والأنانية. فهو يرتقي فوق حظوظ النفس من أجل مشاركة من حولك بوقتك أو علمك أو مالك أو حتى مواساة الآخرين معنويا والوقوف بجانبهم في أوقات الأزمات والشدائد. والشاعر يقول: ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة... يواسيك أو يسليك أو يتوجع.
وهناك جزء منها مرتبط ارتباطا وثيقا بالرضا على أي حال كنت. وهذا يفسر تلك الكلمة المشهورة التي جاءت في وصف بعض من الذين عاشوها على أرض الواقع، وهي: أن الدنيا (الأشياء المادية) كانت في أيديهم، وليست ساكنة في قلوبهم. ويشهد لهذا المعنى العميق الجملة البليغة التي قالها ابن تيمية -رحمه الله-: جنتي في صدري.
وأما الإمام الغزالي -رحمه الله- فقد تساءل في كتابه (كيمياء السعادة) عن أعظم اللذات؟ فجاء الجواب واضحا وصريحا بقوله: «إن اللذة والسعادة لابن آدم معرفة الله سبحانه وتعالى».
وأعتقد أن السعادة هي من المسائل المشاكسة والمخادعة! ولكنها بعد توفيق الله هي ترتكز على ثلاثة أعمدة: الإيمان والرضا والعطاء.
abdullaghannam@