د. عبدالوهاب القحطاني

الشركات المدرجة في السوق المالية مطالبة بالإفصاح والنزاهة في تقاريرها المالية، لأن ذلك من ركائز حوكمة الشركات لخدمة المساهمين على وجه الخصوص، بالإضافة إلى ما تطلبه الجهات المعنية بتطبيق الحوكمة الفعالة مثل هيئة السوق المالية ومصلحة الزكاة والدخل. يحتاج المستثمرون للمعلومات الشفافة، التي تعكس أداء الشركات ليطمئنوا على سير أدائها في الاتجاه الصحيح، الذي يحافظ على استثماراتهم وينميها بعيداً عن الفساد والقرارات الإدارية السيئة.

يعد التدليس في التقارير المالية مخالفة صريحة لأنظمة ولوائح هيئة السوق المالية، التي تحرص على تنظيم ممارسات الشركات في السوق المالية للحد من المخالفات التي تهدد مصالح المستفيدين، حيث إن أكثرهم أهمية هم المساهمون، وذلك بمعاقبة الأفراد والشركات، التي تخالف الأنظمة لتحقيق مكاسب مالية خاصة على حساب المتداولين، الذين تضللهم المعلومات والتقارير، التي تم تدليسها (تضليلها) إما للبيع أو الشراء.

ولقد نصت الفقرة (أ) من المادة التاسعة والأربعين من اللائحة المنظمة لسوق المال على أنه يعد مخالفا لأحكام هذا النظام أي شخص يقوم عمدا بعمل أو يشارك في أي إجراء يوجد انطباعا غير صحيح أو مضلل بشأن السوق، أو الأسعار، أو قيمة أي ورقة مالية، بقصد إيجاد ذلك الانطباع، أو لحث الآخرين على الشراء أو البيع أو الاكتتاب في تلك الورقة، أو الإحجام عن ذلك أو لحثهم على ممارسة أي حقوق تمنحها هذه الورقة، أو الإحجام عن ممارستها.

يبدو أن هذه اللائحة تختص بالشركات والأفراد داخل المملكة، لكنها لم تنص على الملاحقة القانونية الدولية لما يصدر من تدليس وتضليل من الأفراد والشركات العربية والأجنبية خارج المملكة، حيث لا يوجد في الأنظمة ما يعاقبون عليه، خاصة الشركات الأمريكية والأوروبية، التي تصدر تقارير مالية للاستشارات الاستثمارية. الحقيقة أن العديد من الشركات الخليجية والعربية والأجنبية تصرح بين الحين والآخر عن السعر العادل أو المستهدف لسهم ما أو تلمح بالدخول فيه بالشراء أو الخروج منه بالبيع بسعر محدد، حيث توجه المتداولون نحو السهم أو بعيداً عنه بهدف خدمة المضاربين أو الصناديق وصناع السوق في ذلك السهم. فإذا أرادت بعض الصناديق أو المضاربين الصعود بالسهم، فإنهم يوعزون لشركات تقييم الأسهم خارج المملكة بإصدار تصريحات تضليلية موجهة للمتداولين الأفراد لتشجيعهم على شراء السهم لتقوم الصناديق بتصريفه عليهم والخروج منه قبل خروجهم؛ لأن التقرير حدد السعر العادل أو المستهدف (سعر التدليس)، الذي لا يزال المتداولون ينتظرونه فيتعلقون فيه بسعر عالٍ. وقد يعود المضارب لتصريف السهم فوق السعر، الذي جاء في تقارير التدليس ليخرج منه بعض صغار المتداولين، الذين انتظروا الخروج منه لفترة طويلة من غير تحقيق مكاسب تذكر، بل قد يخسرون في معظم الحالات، لكن الذين لم يتعلقوا في السهم في الفترة السابقة ستضللهم المعلومات المضللة في تقارير شركات الوساطة الأجنبية ليتعلقوا فيه بعد هبوط حاد من قبل الصناديق والمضاربين.

لشركات التدقيق المحاسبي دور كبير فيما يحدث من تدليس وتضليل في التقارير المالية، لذلك نأمل من هيئة السوق المالية إصدار لوائح قانونية ملزمة لشركات تقييم الأسهم خارج المملكة لمنعها من إصدار معلومات مضللة تضر بالمتداولين.

@dr_abdulwahhab