كنت في زيارة لإحدى المدارس لتفقد إحدى الطالبات اليتيمات اللاتي استولى الحزن على والدتها فانشغلت بما فيها عن ابنتها، ورافقتي متخصصة نفسية لتقف على حيثيات الضعف الدراسي للطالبة وبالرغم من أن الفقد الذي تعرضت له الأم سبب خارج عن الإرادة، ومهما تجلدت فقسمات وجهها تعكس ما بداخلها إلا أن الحزن المؤدي للإهمال ما هو إلا حيلة نفسية للهروب من المسؤولية وتضخيم حجمها، وأن الأم لو استجمعت قواها واستحضرت نية تربية أبنائها وتعويضهم عن فقد والدهم لاستطاعت إخراج شباب وبنات هم أيضا سيكونون قادرين على تحمل المسؤولية عنها مستقبلا.
إن اليتيم الذي وهبه الله لأم ممتلئة مشاعر الحب والرحمة واستطاعت تقمص دور الأب بهيبته الضابطة، هو في الواقع يعيش في كنف أسرة مستقرة لا ينقصه سوى تمثال الأب! إن اليتيم وكما جاء في شريعتنا نعمة وكنز من الحسنات إذا أحسنت الأم تربيته وتخطت معه كافة العقبات والصعاب، فالرحمة وتدفق مشاعر العطف وإشعار اليتيم بأنه أقل من غيره لا يكفي لينشأ شابا سويا متوازنا نفسيا ومتوافقا مع نفسه ومجتمعه، كما أن الاعتقاد بأن تربية اليتيم هي بتعويضه ماديا فقط اعتقاد خاطئ، فالمال وحده سبيل للفساد إذا لم يوجد ضوابط وقوانين مغلفة بالحب والرحمة والاحتواء.
وإذا كانت التربية قبل سنوات صعبة ومتعبة لتعدد مصادرها فهي اليوم أكثر صعوبة بل تكاد تكون تحديا ومغامرة!!
ولفتني قبل عدة أيام جمعية خيرية تهدف لغرس قيمة بر الوالدين هذه القيمة الفطرية التي لم تكن إلا سلوكا اعتياديا للأبناء، فإذا كنا في زمان نحتاج فيه لمثل هذه الجمعيات فعلينا أن نتدارك هذه العلاقة بإصلاحها بشتى الطرق، فأي توجيه لن يتقبل دون دافع داخلي للبر، وإذا كنا نخشى على البنات من الانفلات وتأثير رفيقات السوء بحجة بعد الأم أو الأب وعدم إشباع عواطفها، فإننا في زمان نخشى فيه على الشباب أيضا وإذا كنا كوالدين ومربين لسنا إلا مسميات جامدة وبنوكا متنقلة وأصحاب فنادق للسكنى فقط !! فلسنا جديرين بحمل الأمانة ..
ومازال موقف الخادمة التي حضرت عن والدة طالبة عند استدعاء المدرسة عالقا في مخيلتي، فالخادمة تعرف تفاصيل المنصة والمواد التي تدرسها الطالبة بل أخبرتني المعلمة بأن الخادمة تجيب أحيانا عن الطالبة!!
من أوكلها لهذه المهمة؟ وإن ذهبت فمن هي الأم الجديدة لهذه المسكينة؟؟ أسئلة بريئة لكنها تحمل خلفها آثارا مدمرة على الأسرة والمجتمع.
إن مسؤولية التربية مسؤولية عظيمة تزداد أهمية كلما تعددت المؤثرات والعوامل الخارجية التي لا نستطيع حدها، فلنبتهل إلى الله تعالى ونسأله الإعانة فالابن الذي يفقد أحد أبويه حقيقة هو ذاته الذي يفقدهما مجازاً!! فالأثر واحد غير أن الأول نجد له مخرجا في جنوحه، بينما الثاني الذي عاش في كنف والديه فما العذر؟
وصدق أحمد شوقي حين قال:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من
هم الحياة وخلفاه وحيدا
إن اليتيم هو الذي تلقى له
أما تخلت أو أبا مشغولا
فأصاب بالدنيا الحكيمة منهما
وبحسن تربية الزمان بديلا
@ghannia
إن اليتيم الذي وهبه الله لأم ممتلئة مشاعر الحب والرحمة واستطاعت تقمص دور الأب بهيبته الضابطة، هو في الواقع يعيش في كنف أسرة مستقرة لا ينقصه سوى تمثال الأب! إن اليتيم وكما جاء في شريعتنا نعمة وكنز من الحسنات إذا أحسنت الأم تربيته وتخطت معه كافة العقبات والصعاب، فالرحمة وتدفق مشاعر العطف وإشعار اليتيم بأنه أقل من غيره لا يكفي لينشأ شابا سويا متوازنا نفسيا ومتوافقا مع نفسه ومجتمعه، كما أن الاعتقاد بأن تربية اليتيم هي بتعويضه ماديا فقط اعتقاد خاطئ، فالمال وحده سبيل للفساد إذا لم يوجد ضوابط وقوانين مغلفة بالحب والرحمة والاحتواء.
وإذا كانت التربية قبل سنوات صعبة ومتعبة لتعدد مصادرها فهي اليوم أكثر صعوبة بل تكاد تكون تحديا ومغامرة!!
ولفتني قبل عدة أيام جمعية خيرية تهدف لغرس قيمة بر الوالدين هذه القيمة الفطرية التي لم تكن إلا سلوكا اعتياديا للأبناء، فإذا كنا في زمان نحتاج فيه لمثل هذه الجمعيات فعلينا أن نتدارك هذه العلاقة بإصلاحها بشتى الطرق، فأي توجيه لن يتقبل دون دافع داخلي للبر، وإذا كنا نخشى على البنات من الانفلات وتأثير رفيقات السوء بحجة بعد الأم أو الأب وعدم إشباع عواطفها، فإننا في زمان نخشى فيه على الشباب أيضا وإذا كنا كوالدين ومربين لسنا إلا مسميات جامدة وبنوكا متنقلة وأصحاب فنادق للسكنى فقط !! فلسنا جديرين بحمل الأمانة ..
ومازال موقف الخادمة التي حضرت عن والدة طالبة عند استدعاء المدرسة عالقا في مخيلتي، فالخادمة تعرف تفاصيل المنصة والمواد التي تدرسها الطالبة بل أخبرتني المعلمة بأن الخادمة تجيب أحيانا عن الطالبة!!
من أوكلها لهذه المهمة؟ وإن ذهبت فمن هي الأم الجديدة لهذه المسكينة؟؟ أسئلة بريئة لكنها تحمل خلفها آثارا مدمرة على الأسرة والمجتمع.
إن مسؤولية التربية مسؤولية عظيمة تزداد أهمية كلما تعددت المؤثرات والعوامل الخارجية التي لا نستطيع حدها، فلنبتهل إلى الله تعالى ونسأله الإعانة فالابن الذي يفقد أحد أبويه حقيقة هو ذاته الذي يفقدهما مجازاً!! فالأثر واحد غير أن الأول نجد له مخرجا في جنوحه، بينما الثاني الذي عاش في كنف والديه فما العذر؟
وصدق أحمد شوقي حين قال:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من
هم الحياة وخلفاه وحيدا
إن اليتيم هو الذي تلقى له
أما تخلت أو أبا مشغولا
فأصاب بالدنيا الحكيمة منهما
وبحسن تربية الزمان بديلا
@ghannia