علي بطيح العمري يكتب:

نعيش اليوم ثورة تقنية. ولو عاش الشاعر أحمد شوقي إلى زماننا لقال:

لكل زمان مضى آية

وآية هذا الزمان (النت)!

مع أننا نعيش في منتصف الثورة التقنية ففي المستقبل هناك ثورات تقنية، الله أعلم بتداعياتها.

والتقنية لها الكثير من الفوائد على الناس والمجتمعات، لكن سلبياتها تكمن في الاستخدام السيئ.

ومن ذلك انتشار الكذبة، والأخبار المزيفة.. صناعة الكذب سهلة ولا تختص بزمن، لكن الفارق أن في عصرنا سهل تسويقها حتى تبلغ الآفاق.

في كتاب (الهشاشة النفسية) ذكر المؤلف إسماعيل عرفة قصة تستحق النشر:

في عام 2018 أثارت شابة مصرية تدعى سارة أبو الخير ضجة بعد أن قامت بنشر خبر مفبرك على حسابها بالإنستجرام كتجربة لمعرفة مدى انتشار الأخبار المضللة بين الناس، كان الخبر عن إمكانية تحويل منصة إطلاق الصواريخ إلى حفلة لشواء الدجاج واللحوم تحت محركات الصواريخ، ليتناول العالم مشويات في أقل من دقيقة، وزعمت سارة في خبرها أن وكالة (ناسا) استجابت لفكرتها، والقنوات دعتها لشرح قصتها.

تداول الناس الخبر - بلا مصدر طبعا - عبر وسائل التواصل باعتبارها قصة نجاح وأن الأفكار تبدأ صغيرة. وبعد يومين من وصول الخبر إلى الترند خرجت سارة لتقول إن ما نشرته مجرد (تجربة) وكلها أخبار ملفقة، وقالت: استخدمت وكالة ناسا لتحقيق الشهرة.

هكذا تصنع الأخبار المضللة وهكذا تطبخ الشائعات حتى لو كانت من قبل أفراد.. تبدأ بكذبة ثم تتوسع بفعل تفاعل الناس، العجب ليس في صناعة الأخبار المضللة فصناعتها سهلة، لكن العجب في تصديق الناس لها، وحرصهم على التفاعل معها.

اليوم هناك موضوعات كثيرة دينية وطبية ومعلوماتية ووصفات علاجية وقصص تتشابه مع خبر (سارة)، وتنتشر رغم غرابتها، ورغم نفي جهات الاختصاص لبعضها.

تتمدد الأخبار المضللة بتصديق البعض، وإعجاب آخرين، وحب الناس للأشياء الغريبة والمصادمة للواقع والشاذة عن القاعدة، فالناس يتفاعلون مع الأخبار المزيفة، ومع مقاطع الحمقى بأضعاف أضعاف الأخبار الحقيقية.

قد يعود سبب انتشار هذه (الكذبات) التقنية إلى ميل الناس للغرائب، وربما عاد لكونهم حدثاء عهد بالتقنية، فما زالوا يرون النشر الإلكتروني كأحاديث المجالس.

* قفلة..

قال أبو البندري غفر الله له:

في عالمك الرقمي ليكن شعارك: (حقيقة) تغضبك خير من (كذبة) تعجبك!

@alomary2008