فهد سعدون الخالدي

المبادرة السعودية لإحلال السلام في اليمن الشقيق التي تقدمت بها المملكة يوم الاثنين الماضي، وردات الفعل الإقليمية والعالمية عليها، أكدت صواب رؤية المملكة ورغبتها الصادقة في تحقيق مصلحة الشعب اليمني الشقيق، وأظهرت للعالم كله أن الهدف الذي تسعى إليه إنما هو مصلحة اليمن وشعبه وتمكينه من بناء وطنه بعيدا عن التدخلات الخارجية، ودون تسلط أقلية مذهبية تحركها أياد أجنبية تسعى لتحقيق أطماعها على حساب اليمن وأهله، ولم تكن هذه المبادرة أول محاولة من السعودية لإحلال السلام في اليمن ولكن الطرف الآخر كان دائما يعطل أي محاولة ويفشل أية جهود سواء من المملكة أو من الحكومة الشرعية، وبلادنا بهذه المبادرة وما سبقها من محاولات لحل الأزمة اليمنية تثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه ليس لها ولدول التحالف العربي غاية إلا دعم الحكومة الشرعية في مواجهة قلة طائفية تنفذ مخططات مشغليها في طهران الذين أعلنوا أكثر من مرة أنهم يحتلون أربع عواصم عربية من بينها صنعاء، كما أن طرح هذه المبادرة في الوقت الذي تحقق فيه قوات الحكومة الشرعية والقبائل اليمنية وبدعم جوي من التحالف المكاسب على الأرض وتحرر المزيد المناطق التي كانت تسيطر عليها العصابات الخارجة على سيادة الدولة اليمنية، وصد محاولات هذه العصابات لاحتلال محافظة مأرب الغنية بمواردها الطبيعية ومن بينها النفط إضافة إلى موقعها الاستراتيجي في جغرافية الجمهورية. وإذا كانت المبادرة السعودية قد وضعت شروطا بينها التفاوض بين الأطراف اليمنية دون تدخل خارجي وبما يتفق مع مبادرة السلام الخليجية والقرارات الدولية ذات الصلة والاتفاقيات والمواثيق التي سبق عقدها بين أطراف النزاع، والشرط الوحيد الذي يتعلق بمصلحة السعودية هو حقها في الرد على أي عدوان تتعرض له أراضيها وهو حق تضمنه الشرعية الدولية. والمملكة وهي تقدم هذه المبادرة في الوقت الذي ترد فيه قواتها الجوية الصاع صاعين وأكثر على اعتداءات الحوثيين على المواقع المدنية والاقتصادية والمطارات، فهي تؤكد أن موقفها يجيء رغبة في تجنيب الشعب اليمني مزيدا من الويلات التي يجرها استمرار الحرب، وهي رسالة لقيت تقديرا كبيرا لدى الأطراف العربية والدولية المؤثرة، وأسقطت حجج الحوثيين الواهية التي روجوها خاصة في الدول الأوروبية حول كونهم أقلية تخشى اضطهاد أكثرية في اليمن والمنطقة، مما يجعل هذه الدول تسارع إلى الإعلان عن تأييد المبادرة السعودية وتدعو الطرف الآخر إلى قبولها ولكن كثيرا من المحللين السياسيين يخشون ألا يكون الحوثيون قادرين على الاستجابة للمبادرة أمام رغبة سادتهم في طهران في استمرار الحرب، وسعيهم لتحقيق أطماعهم على حساب الشعب اليمني وشعوب المنطقة. ولا شك أن المملكة وإذا ما رضخت قيادة العصابة المسيطرة على صنعاء لأوامر طهران، ورفضت المبادرة تكون قد أوضحت للعالم كله رغبتها في السلام الذي يتيح لكل مكونات الشعب اليمني العيش في يمن مستقل لا يخضع لتدخلات أجنبية، ولا يمثل أداة لإزعاج دول المحيط التي طالما قدمت وما زالت تقدم كل ما من شأنه إغاثة الشعب اليمني ومساعدته على تجاوز الظروف التي يمر بها منذ سنين طويلة، وخاصة المملكة العربية السعودية التي يشهد كل منصف على وقوفها الدائم إلى جانب اليمن وحرصها على أمنه وتقدمه. وإذا كانت المملكة بهذه المبادرة قد رمت الكرة في الملعب اليمني وطلبت من سائر الأطراف بما فيها الشرعية والحوثيون تلقفها والبناء عليها وصولا إلى السلام الذي يعيد إلى اليمن أمنه واستقراره فهي تؤكد في الوقت نفسه أنها ستكون كما كانت دائما إلى جانب خيار الشعب اليمني، وسيظل الدعم السعودي الإنساني إلى اليمن مستمرا كما هو الآن حيث لم يستثن حتى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون من المساعدات، أما إذا تعنت الحوثيون واستجابوا للضغوط التي تمارس عليهم باستمرار الحرب فإن المملكة تكون قد أعذرت بعد أن أنذرت، وسوف يكون من حقها أن تقدم كل ما من شأنه وضع حد لتدخلات إيران التي لم تقف عند حدود اليمن، بل تعدت ذلك للعدوان على المشروعات الاقتصادية والمدنية، والمملكة ومعها كل محبي السلام قادرة بعون الله على وضع الأمور في نصابها الصحيح، وسيعرف العالم الأطراف التي تشعل الحرائق في المنطقة لتحقيق مطامعها.. وعلى جماعة الحوثي التي تعرف أن هذه المبادرة ليست المبادرة الأولى للمملكة من أجل السلام وأن تعرف أيضا أنها قد تكون الأخيرة -لا سمح الله-.

Fahad_otaish@