عبدالله الغنام

الاهتمام بالبيئة هو من ضروريات العصر الحالي بسبب أن الإنسان أسرف بشكل جنوني في استهلاك الموارد الطبيعية منذ النهضة الصناعية (القرن التاسع عشر الميلادي)، مما أنتج آلاف الأطنان من الانبعاثات الكربونية إلى الغلاف الجوي للأرض.

هذه الانبعاثات الكربونية (CO2) والميثان وغيرهما كانت سببا فيما يسمى «الاحتباس الحراري» أو (Global warming ) والذي أدى إلى الزيادة في متوسط درجة حرارة الأرض منذ بداية القرن العشرين.

والتغيير المناخي كان من أسبابه الرئيسية أفعال الإنسان الاستهلاكية والجائرة على الطبيعة! فأصبح هناك خطر على الإنتاج الغذائي، وذوبان الجليد، وارتفاع منسوب مياه البحار، وتزايد خطر الفيضانات الكارثية. ولأهمية هذا الموضوع قالت هيئة الأمم المتحدة: «يعتبر تغير المناخ القضية الحاسمة في عصرنا، ونحن الآن أمام لحظة حاسمة. فالآثار العالمية لتغير المناخ هي واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم، من تغير أنماط الطقس.... إن التكيف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة ومكلفا في المستقبل إذا لم يتم القيام باتخاذ إجراءات جذرية الآن».

ولأن الدول المتقدمة والصناعية بدأت تأخذ هذه الأخطار والقضايا على محمل الجد تنطلق مبادرات وقوانين وبروتوكولات دولية للحفاظ على البيئة مثل: خفض الاستهلاك للوقود، والاعتماد على الأجهزة والمعدات ووسائل النقل المختلفة الأكثر فعالية في استهلاك الطاقة، واستخدام طاقة نظيفة، الحث على الطاقة المتجددة بأنواعها، تقليل الانبعاثات الغازية. وأيضا زيادة المسطحات الخضراء، والمحافظة على الغابات، ومقاومة التصحر بالزراعة، والحفاظ على الغطاء النباتي. كل هذه وسائل متنوعة ومختلفة هدفها الأساسي الحفاظ على الطبيعة والبيئة للأرض من أجلنا ومن أجل الأجيال القادمة.

ومن أجل الاستدامة البيئية، وتحقيق المستهدفات العالمية، وحفاظا على الموارد الطبيعية أعلن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- عن مبادرة «السعودية الخضراء» ومبادرة «الشرق الأوسط الأخضر».

فأما مبادرة (السعودية الخضراء) فهي من أكبر المبادرات في العالم من أجل زراعة (10) مليارات شجرة داخل المملكة، وإعادة تأهيل (40) مليون هكتار (الهكتار: عشرة آلاف متر مربع) من الأراضي المتدهورة، وكذلك رفع نسبة المناطق المحمية إلى (30%). ومن ضمن رؤية 2030 أيضا أن يكون (50%) من إنتاج الطاقة الكهربائية بالطاقة الصديقة للبيئة والمتجددة. وأما مبادرة (الشرق الأوسط الأخضر) فمن أهدافها زراعة (40) مليار شجرة، واستعادة (200) مليون هكتار من الأراضي المتدهورة. وقد رحبت كثير من الدول العربية والإقليمية بهذه المبادرة لأنها تصب في مصلحة البيئة والإنسان والأرض. وبناء على ذلك سيكون المشروع من أكبر المشاريع لإعادة التشجير في العالم، ونسبة تقليل الانبعاثات الكربونية (4%) على مستوى العالم.

وقضية الاهتمام بالبيئة والطبيعة من القضايا الملحة والعصرية خصوصا مع زيادة عدد السكان المتوقعة خلال العقود القادمة. وهذه القضايا والمبادرات هي من أجل بناء مجتمعات أكثر تناغما مع البيئة لأنها مسألة بناء استراتيجيات طويلة المدى للحفاظ على الموارد الطبيعة واستخدامها بأمثل الطرق العلمية، وفي نفس الوقت توفير بيئة صحية وآمنة للأجيال القادمة.

وقضية التصحر هي قضية مؤرقة عالميا. فبحسب ويكيبيديا: (فعلى الصعيد العالمي، يتعرض حوالي 30% من سطح الأرض لخطر التصحر مؤثرا على حياة مليار شخص في العالم). والتصحر له عدة أسباب منها: إزالة الغابات، الاستهلاك المفرط لموارد الطبيعة، قطع الأشجار والنباتات بشكل عبثي وغير مسؤول وغيرها من الأسباب. وهذه المبادرة هي بارقة أمل فعلية وعملية من أجل حل هذه المعضلة والتي تؤثر فعلا على الغطاء النباتي في المنطقة.

ويكفي في أهمية هذه المسألة ما جاء في الحديث الشريف: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها».

abdullaghannam@