د ب أ - واشنطن

جرى الإعلان عن توقيع «الشراكة الإستراتيجية الشاملة» بين الصين وإيران، التي تمتد على مدار 25 عامًا، بشعور المنتصر في طهران، في حين تلقت بعض الدوائر الغربية النبأ بانزعاج، وتم تفسير الاتفاقية على أنها تمثل تحديًا من جانب إيران للعقوبات، التي فرضتها أمريكا عليها، وأنها إشارة على أن الصين تحل تدريجيًا محل النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.

ولكن الأمر ليس شيئًا مما سبق، بحسب ما يراه الكاتب الصحفي بوبي جوش، في التقرير الذي نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، حيث قال إنه رغم الضجيج، الذي أثارته إيران، فإن الصفقة ليست «شراكة» بقدر ما هي سند تعهّدي بدعم إقامة علاقات اقتصادية وسياسية وتجارية أفضل بين بكين وطهران على مدار ربع القرن المقبل.

وقال الكاتب الأمريكي من أصل هندي إن مشاهد الإعلان عن مذكرة الشراكة تشي بذلك: فقد وقّع وزير الخارجية الصيني وانج يي الوثائق الرسمية خلال زيارته لطهران، ويشير هذا إلى أن الصفقة مع إيران لا تتمتع لدى بكين بنفس ثقل الاتفاقيات، التي وقّعتها الصين مع دولة مثل بنجلاديش. وعندما يريد الرئيس الصيني شي جين بينج إظهار اهتمامه بتعزيز نفوذ بلاده في مكان ما، فإنه هو مَنْ يضع توقيعه على الوثائق.

ثم إن الاتفاقية نفسها، تتحدث طويلًا عن الاحتمالات، وقليلًا عن التفاصيل. سوف تضخ الصين استثمارات في إيران، التي ستقدم لبكين النفط بأسعار رخيصة في المقابل. ولم يفصح أي من الطرفين عن أي معلومات تتعلق بالتفاصيل المالية: واتسمت نسخة إيرانية من الصفقة جرى تسريبها الصيف الماضي بالغموض، مما أثار تكهّنات بأن بكين ملتزمة باستثمار مبالغ تتراوح بين 400 مليار دولار و800 مليار دولار، في قطاعات تمتد من القطاع المصرفي، والبنية التحتية، إلى الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات.

ولكن هذا كله يظل محض أمنيات طالما لا تزال إيران ترزح تحت العقوبات الاقتصادية الكثيرة، التي فرضها عليها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ولم يتم تخفيف أي منها في ظل سلفه جو بايدن.

ويقول جوش إن بايدن حريص على العدول عن القرار الأحادي، الذي اتخذه ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، الذي وقّعته إيران مع القوى العالمية في فيينا عام 2015، ولكن طهران رفضت جميع شروط الرئيس الأمريكي المتعلقة بعودة واشنطن إلى الاتفاق. وقد طالبت الصين، وهي إحدى القوى الموقّعة على الاتفاق النووي بعودة أمريكا إليه دون أي شروط مسبقة.

وهناك تصور، بحسب جوش، أن بايدن سوف يخفف بعض القيود المفروضة على الاقتصاد الإيراني كحافز للدفع صوب استئناف المحادثات النووية. ولكن من المرجح الإبقاء على معظم العقوبات، في حين تسير المفاوضات في طريقها. وستبقى القيود العديدة، التي فرضت على أساس دعم إيران للإرهاب سارية، حتى لو توصل الطرفان إلى اتفاق يتعلق بالمسائل النووية.

وكتب جوش أنه بالنسبة لبكين، هناك عدد من العوامل الجيوسياسية، التي يجب وضعها في الاعتبار، فليس هناك شك في أن الرئيس الصيني حريص على اكتساب مزيد من النفوذ في الشرق الأوسط: وهي منطقة ذات أهمية حيوية لتأمين واردات بلاده من المواد الهيدروكربونية (النفط والغاز)، وهي أيضًا مهمة لطموحه في إقامة طريق الحرير الحديث، عبر «مبادرة الحزام والطريق»، التي أطلقها شي.

وفي الختام، أشار جوش إلى مسألة السياسات الداخلية، التي تزداد سخونة في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة المقررة في البلاد هذا الصيف. والتوصل لاتفاق مع إدارة الرئيس الإيراني حسن روحاني، التي تتأهب للرحيل من الآن.