عبدالعزيز الذكير يكتب:

كمتذوّق، لا أميل إلى أكثر الشعر الغنائي الخليجي الحديث، الذي يُقحم مفردات تكوّنت في ذهن الشاعر من سماع نشرات الأخبار السياسية والنزاعات الدولية والمؤتمرات الاقتصادية وبياناتها الختامية مثل كلمات «الظرف» و«الجدال» و«الإمكانات» و«انكشف الأمر»، وسمعت غناءً أدخل فيه القائل كلمات لا محل لها في مفاهيم العواطف والحنين والعاطفة، وتدخل ذهن المتلقي على أنها ارتياد لعالم شعري جديد بدلا من كون الكلمات في حبيب أو غائب تُرجى عودته. وهكذا ظلت موضوعات الشعر الغنائي في تعبير أقرب إلى حياتنا المعاصرة.

كذلك حاولتْ لغة الإعلام أن تنسف أمثالنا، التي اعتدنا عليها.

صحيح أن المجتهدين من الكتّاب والمذيعين والخطباء يعتدون على ما درج عليه المثل العربي. ربما أنهم يجتهدون كي يحدثوا لغتهم أو طرحهم.

نسمع البعض يقول: قامت الدنيا ولم تقعُد.

أو: فلان أقام الدنيا ولم يقعدها. والدارج في تاريخ اللغة أن المصطلح أو العبارة تعني الكثير، أو الحركة أو حتى الإكثار،

لذا فقولنا أقام الدنيا وأقعدها هو المقدار الجبري الصحيح وليس: أقام الدنيا ولم يقعدها.

عندنا في اللغة العربية المحكية في بلادنا عبارة «قومةٍ وِقعَدِه» بسكون القاف وفتح العين. وهذا تعارف الناس عليه بأنه يعني الكثير من الشيء. فإذا قلنا إن فلانا يملك من الأموال «قومةٍ وِقعَدِه»، فهذا يعني أنه يملك الكثير من الأموال.

فلماذا إذاً أبطلنا مثل هذه الفعالية الإشعاعية في مصطلحاتنا كي نقفز إلى حداثة لا تعطينا المعنى المستهدف؟.

هل هذا فقط محاولة لتغيير الأجواء أم دروس جديدة يطلقها بعض المتحدثين والخطباء ليحصلوا على إعجاب أكبر.

وبالتأمل أجد أننا أبطلنا الفعالية وقفزنا إلى حداثة لا أدري من أين أتت المعتمدة والمعتبرة، وقفزنا إلى عبارة جديدة هي «قام ولم يُقعد» أو أقام الدنيا ولم يُقعدها.. فالقيام حركة واحدة، بينما القيام والقعود حركتان، وهذا ما قصدناه..

هل هذا فقط محاولة لتغيير الأجواء أم دروس جديدة يطلقها بعض المتحدثين والخطباء ليحصلوا على إعجاب أكبر..

تحاول لغة الإعلام في جانب منها أن تنسف أمثالنا، التي اعتدنا عليها.. صحيح أن المجتهدين من الكتّاب والمذيعين والخطباء يعتدون على ما درج عليه المثل العربي. ربما أنهم يجتهدون كي يحدثوا لغتهم أو طرحهم.

A_Althukair@