بعد الإطلاق التجريبي للعملة الصينية الرقمية التي أهدتها الحكومة الصينية لشعبها في سنتها الجديدة في محاولة للعمل بها انطلاقا من عامها الجديد فبراير الماضي، أعلنت الولايات المتحدة الامريكية أنها تدرس هي كذلك بحذر إطلاق عملتها الرقمية كخيار يزيد من فرصها الجيدة ولا يضر بالمدفوعات ولا مصالح المستهلكين ولا ينمي عمليات غسيل الأموال التي تجد بيئة مرنة لها من خلال مثل هذه العملات التي تدار تقنيا، وهذه التنافسية العالمية في أسبقية الدخول إلى مرحلة التقنيات والرقمية والذكاء الاصطناعي بكل مجالاته قد تحدد من يفوز بالسيادة على الاقتصاد العالمي في المستقبل. إلا أنه في الوقت ذاته أعلنت الهند قطب الاقتصاد الآسيوي القوي الثاني، عن مشروع قانون يحظر بشكل كامل في البلاد العملات الرقمية بما في ذلك العملة الرقمية الأكثر شهرة «البيتكوين»، وبموجب هذا القانون الذي هو قيد الدراسة، سيواجه أي شخص يعمل بهذه العملات مسؤولية جنائية أو سيتم فرض غرامة مالية عليهم، إذ لاحظت الحكومة أنشطة غير قانونية بما فيها غسل الأموال في ظل غياب قواعد تنظم هذا النوع من العملات داخل الهند.
العديد من الدول أعلنت توجهها نحو إطلاق عملتها الرقمية ولا يعدو الأمر كونه تحت الدراسة في الوقت الذي قد تفاجئ الصين العالم بفرضها عملتها الرقمية الجديدة، فنحن نمضي نحو هذه المرحلة شئنا أم أبينا ولكن التعجل فيه قد يضر كثيرا بالذات وأن عملة البلوكشين لا تزال غير مقنعة وليس لها أرضية تشريعية ووعي مجتمعي كاف.
فالعملات الرقمية لا تزال موضع شك بين الناس وهو أمر طبيعي فهذه العملة التي لم يرها أو يمسكها أحد، تؤدي دور المقامر والمضارب عليها فقط، ولا تزال لم ترتق لدرجة الإقناع لتكون عملة المستقبل الذكي، إنها أشبه بالسندات الورقية، وهي بالطبع تختلف عن «العملة الإلكترونية»، إذ إن الأخيرة يتم تقييمها على هيئة وحدات ائتمانية كانت متداولة فيما سبق بين بنوك الجملة والتجزئة، واليوم صارت وسيلة ائتمانية تساوي قيمتها النقدية إلا أنه يمكن صرفها عن طريق التحويلات الافتراضية، ففي السابق كان البنك هو من يتكفل بتحويل القيمة النقدية إلى الحسابات البنكية بالطرق التي يتيحها، اليوم صارت هناك صلاحية للأفراد وضرورة ظرفية ونوع من التسهيل تمكن الفرد من التحكم في أمواله باستخدامها وصرفها إلكترونيا ولكن ذلك لا يضيع قيمتها الورقية أبدا، فما تمتلكه في حسابك البنكي يمكنك تحويله كعملة إلكترونية أو صرفه نقدا عن طريق الصراف الآلي للبنك، في نهاية الأمر هذه النقود هي ذاتها ما تملك وما الوسيلة الإلكترونية إلا إحدى العمليات المتاحة لتسهيل صرفها.
أما العملة الرقمية فتستخدم بين أعضاء مجتمع افتراضي معين، بدأت مع ألعاب الكمبيوتر وانتشرت عبر برامج التواصل، تصور أن ابنك يملك نقودا رقمية يديرها في ألعابه بل أنه متمرس في جني المال الرقمي بطريقة مبهرة، كل ذلك سيبدو لك ضربا من العبث في حقيقة التعامل معها، لذا فإن الناس لا تزال تتخوف حتى بعد أن شرعها البنك الدولي كعملة وعرفها بأنها «أصول ممثلة في شكل رقمي ولها بعض الخصائص النقدية، ويمكن أن تكون العملة الرقمية مقومة بعملة ذات سيادة وتصدر من قبل الجهة المصدرة المسؤولة عن استرداد الأموال الرقمية نقدا، وفي هذه الحالة، تمثل العملة الرقمية النقود الإلكترونية، وستعتبر العملة الرقمية المقومة بوحداتها ذات القيمة أو بإصدار لا مركزي أو تلقائي عملة افتراضية» شجع الكثير من المصارف المركزية في العالم على الاعتراف بها وتشريع التعامل فيها، غير أن محدودية التعامل بها هو عين المشكلة.
السعي لدخول العملة الرقمية سينهي حقبة تاريخية من التعامل المالي مع النقود الورقية والمعدنية، وبمقدورها أن تلغي نظام بنوك التجزئة كاملا وبلا رجعة، وتضر بنظام العقود والصكوك ولن تكون للحوكمة والأمن المالي جدوى لذا قد تتسبب في الكثير من عمليات الاختلاس النوعية وعمليات غسيل الأموال وما يشابهها.
من الضروري التريث لحرث أرضية تشريعية آمنة قبل أن نجلب الفوضى بدخولنا عالم المال الرقمي، فنحن لا نزال نتعلم أبجديات التقنية الحديثة، فدخول الكبار هذه المرحلة قد يتسبب في ذلك، التدرج أمر مهم للغاية.
@hana_maki00
العديد من الدول أعلنت توجهها نحو إطلاق عملتها الرقمية ولا يعدو الأمر كونه تحت الدراسة في الوقت الذي قد تفاجئ الصين العالم بفرضها عملتها الرقمية الجديدة، فنحن نمضي نحو هذه المرحلة شئنا أم أبينا ولكن التعجل فيه قد يضر كثيرا بالذات وأن عملة البلوكشين لا تزال غير مقنعة وليس لها أرضية تشريعية ووعي مجتمعي كاف.
فالعملات الرقمية لا تزال موضع شك بين الناس وهو أمر طبيعي فهذه العملة التي لم يرها أو يمسكها أحد، تؤدي دور المقامر والمضارب عليها فقط، ولا تزال لم ترتق لدرجة الإقناع لتكون عملة المستقبل الذكي، إنها أشبه بالسندات الورقية، وهي بالطبع تختلف عن «العملة الإلكترونية»، إذ إن الأخيرة يتم تقييمها على هيئة وحدات ائتمانية كانت متداولة فيما سبق بين بنوك الجملة والتجزئة، واليوم صارت وسيلة ائتمانية تساوي قيمتها النقدية إلا أنه يمكن صرفها عن طريق التحويلات الافتراضية، ففي السابق كان البنك هو من يتكفل بتحويل القيمة النقدية إلى الحسابات البنكية بالطرق التي يتيحها، اليوم صارت هناك صلاحية للأفراد وضرورة ظرفية ونوع من التسهيل تمكن الفرد من التحكم في أمواله باستخدامها وصرفها إلكترونيا ولكن ذلك لا يضيع قيمتها الورقية أبدا، فما تمتلكه في حسابك البنكي يمكنك تحويله كعملة إلكترونية أو صرفه نقدا عن طريق الصراف الآلي للبنك، في نهاية الأمر هذه النقود هي ذاتها ما تملك وما الوسيلة الإلكترونية إلا إحدى العمليات المتاحة لتسهيل صرفها.
أما العملة الرقمية فتستخدم بين أعضاء مجتمع افتراضي معين، بدأت مع ألعاب الكمبيوتر وانتشرت عبر برامج التواصل، تصور أن ابنك يملك نقودا رقمية يديرها في ألعابه بل أنه متمرس في جني المال الرقمي بطريقة مبهرة، كل ذلك سيبدو لك ضربا من العبث في حقيقة التعامل معها، لذا فإن الناس لا تزال تتخوف حتى بعد أن شرعها البنك الدولي كعملة وعرفها بأنها «أصول ممثلة في شكل رقمي ولها بعض الخصائص النقدية، ويمكن أن تكون العملة الرقمية مقومة بعملة ذات سيادة وتصدر من قبل الجهة المصدرة المسؤولة عن استرداد الأموال الرقمية نقدا، وفي هذه الحالة، تمثل العملة الرقمية النقود الإلكترونية، وستعتبر العملة الرقمية المقومة بوحداتها ذات القيمة أو بإصدار لا مركزي أو تلقائي عملة افتراضية» شجع الكثير من المصارف المركزية في العالم على الاعتراف بها وتشريع التعامل فيها، غير أن محدودية التعامل بها هو عين المشكلة.
السعي لدخول العملة الرقمية سينهي حقبة تاريخية من التعامل المالي مع النقود الورقية والمعدنية، وبمقدورها أن تلغي نظام بنوك التجزئة كاملا وبلا رجعة، وتضر بنظام العقود والصكوك ولن تكون للحوكمة والأمن المالي جدوى لذا قد تتسبب في الكثير من عمليات الاختلاس النوعية وعمليات غسيل الأموال وما يشابهها.
من الضروري التريث لحرث أرضية تشريعية آمنة قبل أن نجلب الفوضى بدخولنا عالم المال الرقمي، فنحن لا نزال نتعلم أبجديات التقنية الحديثة، فدخول الكبار هذه المرحلة قد يتسبب في ذلك، التدرج أمر مهم للغاية.
@hana_maki00