د ب أ - واشنطن

تشهد علاقات واشنطن مع موسكو تدهورًا منذ أكثر من عقدين، وكان قرار إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون بتوسيع نطاق حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الذي يُعد أقوى تحالف عسكري في تاريخ العالم، شرقًا باتجاه روسيا وهي ضعيفة ومحطمة معنويًا، خطوة استفزازية تنذر بعواقب وخيمة، كما تسببت محاولة من جانب الرئيس السابق جورج دبليو بوش لضم جورجيا وأوكرانيا إلى الناتو إلى زيادة الشكوك التي تنتاب قادة روسيا.

وقال تيد جالين كاربنتر أحد كبار الزملاء في مجال دراسات السياسة الدفاعية والخارجية بمعهد كاتو الأمريكي في تقرير نشره المعهد: إن تدخّل إدارة الرئيس السابق أوباما في الشؤون الداخلية لأوكرانيا من خلال مساعدة متظاهرين على الإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطيًا موالية لروسيا أثار حفيظة موسكو وغضبها، مما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وعندما ردت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو على خطوة الضم بفرض مجموعة من العقوبات الاقتصادية، كانت هناك حرب باردة جديدة كاملة دائرة.

وأضاف كاربنتر: «إنه يبدو أن إدارة جو بايدن عاقدة العزم على تحوّل وضع سيئ بالفعل إلى أن يكون أكثر سوءًا»، وكان العداء تجاه روسيا السمة الغالبة في خطابه الذي ألقاه في فبراير أمام مؤتمر ميونخ للأمن السنوي، لكن هذا الخطاب كشف بالكاد عن قدر يسير من عدائه.

وقال كاربنتر إنه رغم الأسطورة المتداولة، التي عززها بايدن وغيره من الديمقراطيين، ومفادها أن دونالد ترامب كان «دمية في أيدي بوتين» واتبع سياسة استرضاء تجاه موسكو، تعتبر الحقيقة مختلفة تمامًا. وتابع أن سياسة إدارة ترامب كانت أكثر تشددًا من سياسات الإدارات السابقة عليها، وتضمنت مبيعات أسلحة متعددة لأوكرانيا، وزيادة ملحوظة في وتيرة ونطاق التدريبات العسكرية للناتو، وتوسيعًا أكبر للعضوية في الناتو، وإجراءات فعّالة لتقويض نظام عميل لروسيا في سوريا.

وكان سلوك الرئيس الجديد الفج فيما يتعلق بالعلاقات مع روسيا مثيرًا في بعض الأحيان، وعندما سُئل في مقابلة إعلامية عما إذا كان يعتبر بوتين «قاتلًا»، لم يلجأ بايدن إلى مراوغة لفظية، وأجاب بقوله: «نعم أنا أعتبره قاتلًا».

وكان تصريح بايدن بمثابة إهانة شديدة لزعيم دولة قوية، وأثار أزمة جديدة في العلاقات، واستدعى الكرملين على الفور سفيره لدى الولايات المتحدة، أناتولي أنتونوف، في 17 مارس الماضي، الذي لم يعد إلى منصبه حتى مطلع أبريل الجاري. واختتم كاربنتر تقريره بالقول: إن سياسة المواجهة التي تنتهجها واشنطن تجاه دولة بها عدة آلاف من الرؤوس النووية سوف تكون متهورة حتى لو لجأت واشنطن إلى انتهاجها بمفردها.