حسام أبو العلا - القاهرة

«إهانة الرئيس».. تهمة تتخطى المعارضين الأتراك وتوجه إلى اليونان

في أحدث مسلسل لخلافات أنقرة وأثينا، أدانت تركيا تصريحات يونانية وصفتها بـ «لا أخلاقية» ولا تتناسب مع الأعراف السياسية والدبلوماسية، ضد أردوغان، يأتي هذا في وقت كشفت وسائل إعلام أن الأخير يظهر خلاف ما يُبطن مع حلفائه في موسكو، بإرساله مئات المرتزقة السوريين إلى أوكرانيا لقتال الروس في حال نشبت حرب بين البلدين.

وأكدت وسائل إعلام تابعة لنظام الأسد أنّ 130 مرتزقًا سوريًا تابعين للنظام التركي وصلوا إلى جبهات القتال المفترضة في أوكرانيا قادمين من ليبيا، وذلك لقتال القوات الروسية في حال نشوب مواجهات مسلحة بين الدولتين إثر تصاعد النزاع بينهما.

وسبق أن كشفت مصادر حقوقية حيادية موثوقة أنّ مئات من المرتزقة السوريين التابعين للحكومة التركية في طرابلس قد غادروا الأراضي الليبية قبل نحو أسبوعين بدون أن يعودوا إلى تركيا ومنها إلى مناطق المعارضة المسلحة شمال سوريا التي جاؤوا منها في الأصل.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكد قبل أيام أنّ عملية عودة المرتزقة السوريين الموالين لتركيا من ليبيا، ما زالت متوقفة، حتى أن الدفعة التي غادرت الأراضي الليبية بتاريخ 25 مارس الماضي لم ترجع حتى اللحظة.

وكشف بالمقابل أن هناك مجموعة مؤلفة من نحو 380 مقاتلًا من الفصائل السورية الموالية لأنقرة، وصلت الأراضي التركية خلال الأيام الماضية، ولم ترد معلومات مؤكدة بعد، فيما إذا جرى نقلها إلى ليبيا من تركيا أم لمنطقة أخرى أم أنها لا تزال في تركيا.

تأكيد مصادر

وأوضحت مصادر أهلية في مناطق ما يُسمّى «درع الفرات» التي يحتلها النظام التركي شمال شرق حلب عبر فصائل سورية تابعة له، للصحيفة الموالية للأسد، «أنّ أقارب لهم (من المرتزقة) تواصلوا معهم الثلاثاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي من الحدود داخل أوكرانيا».

ونقلت الصحيفة عن مصادر معارضة مقربة من «الجيش الوطني السوري» الذي شكّلته أنقرة من اندماج التنظيمات الإرهابية التابعة لها في مناطق شمال وشمال شرق حلب، تأكيدهم أن طلائع بعض الفصائل مثل «السلطان مراد» و«الحمزات» ممن انتهت خدمتهم في ليبيا بموجب عقودهم مع الاستخبارات التركية، وصلوا إلى أوكرانيا خلال اليومَين الماضيَين إثر انقطاع أخبارهم منذ 26 مارس الماضي، وباشروا الانتشار في المناطق الحدودية الروسية - الأوكرانية، كإجراء احترازي بهدف المشاركة في الحرب ضد موسكو في حال نشوئها.

وكشفوا أنّ رواتب المرتزقة السوريين في أوكرانيا تبلغ حوالي 4 آلاف دولار، وهو يعادل ضعف مبلغ القتال بليبيا وأذربيجان.

وتوقعت تلك المصادر للصحيفة الموالية لدمشق، أن يصل عدد المرتزقة السوريين المطلوب تجنيدهم وإرسالهم إلى أوكرانيا، بطلب من رئيس الحكومة الأوكرانية لنظيره التركي قبل أسبوع، إلى 7 آلاف مرتزق قابل للزيادة حسب الأوضاع الميدانية المرتقبة بين القوات الروسية والأوكرانية.

تردي العلاقات

وفيما يخص تردي العلاقات بين أنقرة وأثينا، أدانت الخارجية التركية تصريحات وصفتها بـ «لا أخلاقية» ولا تتناسب مع الأعراف السياسية والدبلوماسية أدلى بها نائب وزير الخارجية اليوناني ميلتياديس فارفيتشيوتيس، ضد تركيا وأردوغان، وكأنما «إهانة الرئيس» تهمة جاهزة يستغلها نظام «العدالة والتنمية» لتكميم أفواه كل المنتقدين داخل وخارج البلاد في استهداف واضح للحريات خاصة حرية التعبير.

ويبدو أن العلاقات اليونانية - التركية تعرف شدًا وجذبًا رغم تأكيد سلطات أنقرة أنها تسعى لتخفيف الخلافات مع الجانب اليوناني في عدد من الملفات.

ورغم ادعاء تركيا المتواصل بأنها تقوم بما يجب لتخفيف التوتر مع الجانب اليوناني لكنها في كل مرة تضع العراقيل أمام الجهود الأوروبية لحلحلة أزمات مثل التنقيب التركي غير الشرعي شرق المتوسط أو ملف الهجرة أو ملف الأزمة القبرصية وغيرها من الملفات العالقة.

وتتحمّل تركيا تبعات توتر العلاقات مع اليونان في الفترة الأخيرة نتيجة تعمدها المناورة في عدد من الملفات الحساسة ورفض إيجاد حلول والتنكر لكل ما يتم التوصل إليه من تفاهمات.

مزاعم تركية

وفي بيان، نشرته الأربعاء، زعمت الخارجية التركية «تعمّد» الجانب اليوناني بإصرار مواصلة الخطابات والأعمال المستفزة التي تزيد التوتر ضد تركيا، وزجّه فارفيتشيوتيس نحو الواجهة لهذا الغرض، في وقت يشهد اتخاذ خطوات جديدة لضمان استمرار الحوار بين البلدين نتيجة لجهود تركيا.

وأضاف البيان: «ندين بشدة التصريحات غير الأخلاقية لنائب وزير الخارجية اليوناني حول بلدنا ورئيسنا في مقابلة مع قناة تليفزيونية، والتي لا تتماشى مع الأعراف السياسية والدبلوماسية»، على حد وصفه.

وكان نائب وزير الخارجية اليوناني انتقد السياسات التركية والمناورات التي يمارسها الرئيس التركي واستعمل في ذلك بعض العبارات الحادة، لكن يبدو أن الجانب التركي يرفض تمامًا كل نقد يوجّه إلى قيادته السياسية.

وتزامنًا مع الخلاف الأخير التقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الأربعاء، السفير اليوناني مايكل خريستوس دياميسيس، بالعاصمة أنقرة.

وقال تشاووش أوغلو في تغريدة: «قبل زيارة وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، الأسبوع المقبل (إلى تركيا)، استقبلنا السفير اليوناني لدى أنقرة، مايكل خريستوس دياميسيس».