عبدالله إبراهيم العزمان

يتجنب العديد من الناس في المجتمعات الغربية السكن في الطابق رقم ١٣، بل إنك قد لا تجد هذا الرقم أصلا في لوحة المصعد الخاصة ببعض المباني، وتجد أن بعض شركات الطيران مثل الطيران الفرنسي وطيران لوفتهانزا، ليس لديها الصف 13 على متن طائراتها (بحسب موقع روسيا اليوم)، ويختلف الاعتقاد بالشيء من مجتمع لآخر ففي حين يتجنب البعض في الدول الغربية لوحة السيارة رقم ٦٦٦ بزعمهم أنها تسببت في حرائق غامضة للمركبات، و«مشاعر سيئة» للركاب، تجد أن البعض لدينا يرى هذا الرقم عبارة عن لوحة مميزة ويدفع المبالغ الطائلة للحصول عليها.

كل ذلك وغيره هو ما يعرف بالخرافة، والخرافة يعرفها المعجم بأنها الحديث المستملح المكذوب، وقد تتطور لتصبح أسطورة وهي عبارة عن قصة قصيرة ذات مغزى أخلاقي، وغالبا ما يكون أشخاصها وحوشا أو جمادات، وهو فن قصصي خرافي ذو مغزى يمثل الحيوانات كشخصيات رئيسية في القصة ولكن بصفات إنسانية، وقد سادت الخرافات في جميع الحضارات المختلفة كالإغريقية، والرومانية، والصينية، واليابانية، والفرعونية بلا استثناء ولفترة طويلة، ولا يكاد عصر أو حضارة تخلو منها، فمن ذلك أن العرب في الجاهلية كانت تتشاءم من شهر صفر، لأنهم يزعمون أن روح القتيل ترفرف على قبره وتقول لأهله خذوا بثأري، وهو ما أكده الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر (اليوم السابع)، بل وحصل ذلك مع أتباع الرسل الكرام، فمنه ما فعله قوم النبي الكريم موسى عليه السلام، فبمجرد أن نجاهم المولى عز وجل من بطش فرعون، إلا وطلبوا طلبا هو أقرب ما يكون مثالا للتعلق بالخرافات والأساطير، حيث قال عز من قال (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا علىٰ قوم يعكفون علىٰ أصنام لهم ۚ قالوا يا موسى اجعل لنا إلٰها كما لهم آلهة ۚ قال إنكم قوم تجهلون). كما وحدث ذلك مع نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في غزوة حنين وفي الصحابة رضي الله عنهم عدد من مسلمة الفتح، حيث مروا وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال صلى الله عليه وسلم: الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، لتركبن سنن من كان قبلكم.

والغريب أنه على الرغم من التقدم والتطور العلمي الذي تشهده المجتمعات، إلا أن ذلك لم يكن له تأثير ملحوظ في التقليل أو الحد من تفشي الخرافات والأساطير. مما يبين أن الخرافة لا يحد من تأثيرها إلا التمسك بالوحي المنزل من لدن العلي القدير.

والإيمان الصادق بأن الكون لله يصرفه كيف يشاء وأن الحذر لا يمنع نزول القدر.

• وقال طرفة بن العبد

إذا ما أردت الأمر فامض لوجهه ** وخل الهوينا جانبا متنائيا

ولا يمنعنك الطير مما أردته ** فقد خط في الألواح ما كنت لاقيا

azmani21@