وليد الأحمد

فعالية أي قرار إداري لا تقاس فقط بمدى صواب فكرته نظرياً، بل بمدى إمكانية تطبيقه على أرض الواقع، وتحقيق النتائج المرجوة بأقل آثار جانبية.

تذكرت هذا المبدأ الإداري المعروف، وأنا أتابع تفاصيل قرارات الأسبوع الماضي بزيادة توطين عدد من الأنشطة والمهن في سوق العمل، ومنها «زيادة نسب التوطين في منافذ بيع أنشطة المطاعم والمقاهي وفق المسميات والنسب والاشتراطات المحددة في الدليل الإجرائي الصادر مع القرار»، التي حددت توطين ما نسبته 50% من وظائف المطاعم في المولات على أن يكون من بينها وظيفة مدير المطعم.

وفي حين ينبغي التأكيد على أن زيادة التوطين في كل المجالات توجه محمود وتسعى إليه كل الدول والمجتمعات، لاسيما أن هذه القرارات ينتظر أن تسهم في توفير نحو (51) ألف وظيفة للسعوديين والسعوديات، إلا أن الخوف أن مخرجات كليات وأقسام وكليات الفندقة والسياحة والمعاهد المتخصصة القليلة أصلاً لا تلبي عدد الوظائف الكبير، الذي سيشغر بسبب القرار، والذي لم يذكر كم العدد التقديري للسعوديين المؤهلين اليوم لشغل هذه الوظائف.

وإذا أخذنا وظيفة «مدير مطعم»، التي شملها القرار كمثال، سنجد وصفها الوظيفي يشمل مهاما متخصصة منها، اختيار وتوظيف وتدريب طاقم العمل، المراجعة المالية وإدارة الربح والخسارة، إدارة العمليات التشغيلية والأزمات والعلاقات التعاقدية مع الموردين، وضمان رضا العملاء. فضلاً عن إتقان الإنجليزية واجتياز المقابلة الشخصية مع مالك العلامة التجارية في حال كان المطعم بامتياز تجاري عالمي «فرانشاير»، وعددها في المملكة بالآلاف. وهي مهام وشروط تعكس محورية الوظيفة لنجاح المطعم، ولذا تحتاج مع المعرفة إلى الخبرة، ما يجعل شغلها بالسعوديين بالكامل خلال المهلة المحددة بـ180 يوما تحديا حقيقيا إن لم يكن مستحيلا.

ومع الثقة في أن وزارة الموارد البشرية اتخذت القرار بعد دراسة لواقع السوق، فإن التوسع المؤسسي في تأهيل السعوديين بالمعارف والمهارات والخبرات اللازمة لشغل الوظائف المستهدفة ركن أساسي لنجاح هذا التوجه، لأن تعذر وجود المؤهلين قد يعطي نتائج عكسية على سوق المطاعم والقطاعات الأخرى، ونتائج عكسية حتى على قرارات التوطين ذاتها، خصوصاً إذا ما تسببت بإغلاق المنشأة، وخسارة مساهمتها في الاقتصاد الوطني، فضلاً عن خسارة الوظائف، التي توفرها اليوم للسعوديين والسعوديات.

woahmed1@