راكان المصعبي

عندما ترسم لوحة وأنت تحب ذلك، وترسم العديد من اللوحات، ويأتي إليك شخص وينتقد عملك ولا يعجبه ويراه نقطة سوداء! سوف تتفهم أنه رأيه الشخصي، لكن إذا ينتقد كل أعمالك ويرى كل شيء سيئا وتافها وبلا معنى، فإنك سوف تشعر بالخذلان والإحباط.

ذات القاعدة في اللوحات هي نفسها في شرائح المجتمع؛ لأنه ليس كل الناس سيئين حتى إن قابلت سيئين، فلا يحق لك أن تصنف الجميع بناءً على البعض، نظرة الشخص الذي ينظر إلى اللوحات للأسف الشديد هي مشابهة لنظرة المجتمع للمراهقين؛ المراهقة هي «مصطلح غربي حديث يهدف إلى انتزاع الثقة من الشباب وإيجاد العذر لطيشهم»، المشكلة أن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تأتي ببرامج تسيء، وتنظر إلى المراهقين أنهم خطر وأنهم جاهلون وتنظر لهم أنهم لا يميزون بين الصواب والخطأ، وبين النقطة البيضاء والنقطة السوداء، لكنهم نسوا ماذا فعل المراهقون في بداية عصر الإسلام، على سبيل المثال محمد بن القاسم هو مَنْ فتح بلاد السند، وهو بعمر السابعة عشرة سنة فقط! أيضا أسامة بن زيد كان قائد جيش المسلمين المتوجه لغزو الروم في الشام وعمره لا يتجاوز الثامنة عشرة، الأسوأ أن الذين يتحدثون عن هذا الموضوع ينسون أنهم كانوا بالأمس مكانهم ويشعرون ذات الشعور ونسوا بعضا من أعلام التاريخ المسلمين، لكن كل هذا بغرض جذب الانتباه، المراهقون بشكل عام مظلومون سواء بالأفعال أو بالمعتقدات والأفكار، بغض النظر عن أن المراهقة فترة تهور وطيش، وعدم أخذ بعض الأمور بجدية والنظر إليها من جميع النواحي لكن هذا لا يعني أن ذلك على الجميع وأنهم سيئون، فهم بشر وهم شريحة من شرائح المجتمع وتحتاج للاهتمام، يجب تغيير نظرة المجتمع لهم، فالمجتمع يرونهم أنهم هم أصحاب كل مشاكل المجتمع، وأيضا ليسوا أصحاب عقول صغيرة، وليس الجميع تائهين في بحر الجهل، إنني أعلم وأفهم هذا الشعور وهذا الأمر، سأكون صريحاً أنه شعور جدا جدا سيئ عندما يراك الناس أنك سيئ ولا تفقه شيئا، وأنك جاهل ولا تعلم ما هو الجيد، وما هو السيئ، إنه شعور مثل الرصاصة الصامتة، المراهقة ربما تكون من أصعب مراحل حياة الشخص بسبب التحديات والتغيرات، التي تأتي بسرعة ومفاجئة بدءا من التغيرات العقلية والجسمانية مرورا بالتغييرات الفكرية، والتأثر بالمجتمع من كل طبقات المجتمع، المراهقون لديهم مواهب وأفكار كالنجوم لكن يحتاجون إلى مَنْ يفهمهم، ويكون صديقاً لهم وسنداً لهم، وبهذا السبب يهربون من الواقع ذاهبين إلى أصدقائهم عبر الإنترنت يذهبون إلى مَنْ يفهمهم ويرتاحون إليهم.

كلامي هذا لم آت به من الأفلام أو الروايات، بل من قصص واقعية وحقيقة، لقد قصصناها لبعضنا وعشناها لكنها مخبأة في القلوب ومقفلة، فلا أحد يستطيع أن يعرفها غير مَنْ يفتح له القلب، إذا كان لديك أي أمر مع شخص ومراهق، أسأله حاول أن تكتشفه لكن لا بهدف الاستغلال والفضول، بل بداعي المواساة والتقرب له، وهم سوف يحكمون عليك هل يسمحون لك بالدخول إلى قلوبهم أم لا والحديث هنا يطول.