أدباء عرب: الأجواء الرمضانية تأخذنا إلى القرآن والذكر
أكد عدد من الكتَّاب والأدباء في العالم العربي أن عادتهم اليومية تتغير تمامًا خلال شهر رمضان، فيعيشون أجواء إيمانية، ويخصص معظمهم وقتًا طويلًا لقراءة القرآن، ما يقلص الوقت المخصص للقراءة، أما الكتابة، فإن الكثير منهم يستغل الهدوء والتأمل والاسترخاء، الذي يتمتع به الصائم، ويكتب متى ما جاءته الفكرة، لأن الفكرة حينما تحوم حول الكاتب فلا يمكن أن يوقفها شيء.
برنامج خاص
من الأردن، يقول القاص والناقد الأردني سمير الشريف: لا شك أن وتيرة الاهتمامات الثقافية تختلف في رمضان، وتؤخر البرامج العادية للقراءة والكتابة والمتابعة الأدبية، ويصبح لرمضان برنامجه الخاص المميز وحضوره الرئيس، وأنا أنحي برامجي العادية جانبًا، وأحدد برنامجًا خاصًا تكون الأولوية فيه للقرآن الكريم، قراءة وتفسيرًا وبحثًا بتركيز أكثر، وغالبًا ما تكون هناك رحلة بين أكثر من تفسير للآية الواحدة، أتابع فيها مناسبة النزول والرأي البلاغي والفيوضات اللغوية، مستثمرًا الأجواء الروحانية لهذا الشر الفضيل الذي أظلنا، ولا بد من العودة للسيرة النبوية المطهرة، مستذكرًا محطاتها القيمة ودروسها المستقاة، ومن خلال ذلك أقف أمام سير الصحابة ممن كانت لهم مواقف مؤثرة لا تنسى.
على الجانب الآخر، تشدني الوثائقيات، التي تبحر في عادات الشعوب والقبائل البدائية ورحلات المستكشفين لهذه العوالم، متتبعًا ما آلت إليه البشرية من تقدم وتطور، وفي الوقت نفسه تنقلنا هذه الرحلة لعوالم البحار ومخلوقاتها وكوكبنا وغاباته وحيواته، لتصب كلها في طريق التعمق في الكون، لسبر عوالمه، جنبًا إلى جنب مع قراءة كتاب الله، بيانًا وبلاغة وحكمة.
مشاعر إيمانية
أما الشاعر والمترجم المصري عاطف عبدالمجيد، فيقول: الكتابة والقراءة لا يحكمهما لديّ، في أغلب الأحيان، إلا الذهن الصافي والمزاج الذي لا يعكر صفوه أي هم، لهذا يمكنني أن أقرأ في أي وقت طالما كان ذهني صافيًا، حتى أركز فيما أقرأ، وأستوعب ما تقع عليه عيناي، أما عن الكتابة فهي تمتلك لحظات خاصة أشبه كثيرًا بلحظات الميلاد، التي لا يوقفها شيء.
لكن حين أتحدث عن القراءة والكتابة في شهر رمضان، فالأمر قد يختلف قليلًا، ففي رمضان، هذا الشهر المبارك، نعيش مشاعر إيمانية خاصة، ونخصص معظم الوقت لقراءة القرآن والصلاة والذكر، ما يقلص الوقت الذي كان يمكن أن نكرسه للقراءة والكتابة، وبهذا نجد أن مؤشر القراءة يقل ويهبط في شهر رمضان قياسًا إلى غيره من الشهور الأخرى، أما حين تحين لحظة الكتابة، فيتوقف كل شيء حتى تمر هذه اللحظة وتتم ولادة النص المكتوب، من هنا ندرك أن القراءة قد تكون قصدية، فيما نجد أن الكتابة هي التي تختار، غالبًا، لحظة ميلادها.
طقوس الكتابة
من العراق، يقول الروائي شاكر نوري: لكل كاتب طقوسه الخاصة في الكتابة مهما تغيرت الظروف، إلا أن شهر رمضان المبارك يفرض طقوسه على الجميع، فكل تفاصيل الحياة تختلف، والكاتب الصائم يضطر إلى تغيير طقوسه، وهذا في حد ذاته تغيير يصب في صميم الكتابة، لأنها لا تعرف الحدود، بل هي التي تتغلب على جميع الظروف وتفرض إرادتها وشروطها، فالكاتب الحقيقي يستطيع أن يكتب في شتى الظروف مهما كانت قاسية، وهناك رحالة ومستشرقون زاروا العالم العربي في القرن التاسع عشر، واضطروا إلى الصيام رغم أنهم غير مسلمين، ولكن احترامًا للحالة العامة للسكان، وفي مقدمة هؤلاء الرحالة جيمس ريتشاردسون، الذي زار غدامس الليبية وصام مع أهلها.
وربما يعمل رمضان بطقوسه وجمالياته على إثارة الوحي عند الكتَّاب والأدباء، من خلال الهدوء والتأمل والاسترخاء، الذي يتمتع به الصائم، فالكتابة تنبع أساسًا من ذات الكاتب، وذات الكاتب مرتبطة بالموضوع، الذي يكتب عنه، وبالنسبة لي فأنا أعمل على موضوع الرواية إلى أن أنجزها بعيدًا عن جميع المتغيرات الحياتية واليومية، فالكاتب يتأقلم مع جميع الظروف من أجل أن تنتصر الكتابة، وكما يقول المثل الإنجليزي: إما أن تكتب وتكون حاضرًا، وإما أن تختفي عن الساحة. والكاتب الحقيقي هو مَنْ يكون حاضرًا على الساحة بحكاياته وقصصه وأساطيره، ويكون على صلة بواقع النشر أيضًا.
العشر الأواخر
ويقول الناقد والروائي الأردني حسين دعسة: طقوس الكتابة والقراءة، هي ذات الطقوس المعتادة عند الكاتب أو المبدع الحقيقي، خصوصًا كاتب السرديات، الذي يجب أن تكون لديه مرجعيات ومصادر لبناء أعماله في القص أو الدراما أو المسرح، وفي رمضان من كل عام أجد فرصة لمراجعة مخطوطات وكتب تكون في حاجة إلى مراجعة واستكمال، فأعززها بالدخول إلى المكتبة ونبش بعض المصادر، التي تصيغ رؤية جديدة ومعاصرة، وما يتغير جزئيا في ليالي رمضان، أن الطقوس الدينية والعادات من تراويح وقيام ليل تغير في العشر الأواخر من طبيعة ما يُكتب، خصوصا لدي ككاتب وصحفي، فأنا أقدم للأطفال مختارات من الكتب، التي تناسب أعمارهم؛ لتتم مطالعتها مع ختم القرآن الكريم في نهاية الشهر.
تعديل العادات
ويميل القاص والناقد السوداني عمر القنديل للقراءة والكتابة ليلًا في شهر رمضان خلاف الأيام الأخرى، مضيفًا: بالنسبة لطقوس رمضان في السودان بشكل عام، فنحن نخرج لتناول وجبة الإفطار في الشارع، كل الجيران يخرجون بالصواني، التي تحوي معظمها أقداح العصيدة، وهي الوجبة الشعبية الأشهر في بلدنا، خصوصا في رمضان، كما تأخذ صلاة التراويح حيزًا ثابتًا من اليوم، بالإضافة إلى قضاء بعض الوقت مع العائلة، ثم أشاهد فيلمًا أو أتجول بين الأوساط الاسفيرية، وأحيانًا تأتيني بعض الخواطر فأدرجها وأزجي بها في صفحتي الفيسبوكية، ولا أكتب كثيرًا في رمضان، لكني أطالع الكتب التي غالبًا ما تكون في علم النفس، لإيماني بأن شهر رمضان أكثر الأوقات ملاءمة لإجراء تعديلات على مستوى العادات.
صور التراحم
وسوريا، يقول الشاعر أمجد الخطاب: كأن الزمان يعود إلى سيرته الأولى وتنفرج أساريره بعد طول تجهم وامتعاض، وإذا بصور الجمال والتآلف والتراحم، التي كانت محط دهشة واستغراب، تتماثل أمام أعيننا حقيقة جلية، بل ونصنعها نحن بأيدينا غير آبهين بأتون هذه الحياة المريرة، ففي رمضان تتشابك وشائج القربى وتتصالح الكلمات المتنافرة وتخمد براكين الأنفس المتصارعة، وتهب نسائم الرحمة، وما بين السحور إلى الفطور تسعى القلوب المتعطشة إلى بعض الروحانيات لتجلو صدأ القسوة، التي ران عليها طيلة العام، وتحاول جاهدة بسط يديها لتنال الرضا والقبول.
وفي رمضان طقوس لا تتغير في أي مكان، أصوات الباعة قبل الإفطار، صوت المدفع، وتزداد وتيرة القراءة بالإقبال على القرآن تلاوة وتفسيرًا، في حين تخلد الكتابة إلى الراحة، لأن شياطين الشعر وسحرة البيان تخشى أن تُصفّد كما فعل بأشياعهم، فتأوي إلى جبل تعصم نفسها حتى يأذن الشهر بالرحيل.
برنامج خاص
من الأردن، يقول القاص والناقد الأردني سمير الشريف: لا شك أن وتيرة الاهتمامات الثقافية تختلف في رمضان، وتؤخر البرامج العادية للقراءة والكتابة والمتابعة الأدبية، ويصبح لرمضان برنامجه الخاص المميز وحضوره الرئيس، وأنا أنحي برامجي العادية جانبًا، وأحدد برنامجًا خاصًا تكون الأولوية فيه للقرآن الكريم، قراءة وتفسيرًا وبحثًا بتركيز أكثر، وغالبًا ما تكون هناك رحلة بين أكثر من تفسير للآية الواحدة، أتابع فيها مناسبة النزول والرأي البلاغي والفيوضات اللغوية، مستثمرًا الأجواء الروحانية لهذا الشر الفضيل الذي أظلنا، ولا بد من العودة للسيرة النبوية المطهرة، مستذكرًا محطاتها القيمة ودروسها المستقاة، ومن خلال ذلك أقف أمام سير الصحابة ممن كانت لهم مواقف مؤثرة لا تنسى.
على الجانب الآخر، تشدني الوثائقيات، التي تبحر في عادات الشعوب والقبائل البدائية ورحلات المستكشفين لهذه العوالم، متتبعًا ما آلت إليه البشرية من تقدم وتطور، وفي الوقت نفسه تنقلنا هذه الرحلة لعوالم البحار ومخلوقاتها وكوكبنا وغاباته وحيواته، لتصب كلها في طريق التعمق في الكون، لسبر عوالمه، جنبًا إلى جنب مع قراءة كتاب الله، بيانًا وبلاغة وحكمة.
مشاعر إيمانية
أما الشاعر والمترجم المصري عاطف عبدالمجيد، فيقول: الكتابة والقراءة لا يحكمهما لديّ، في أغلب الأحيان، إلا الذهن الصافي والمزاج الذي لا يعكر صفوه أي هم، لهذا يمكنني أن أقرأ في أي وقت طالما كان ذهني صافيًا، حتى أركز فيما أقرأ، وأستوعب ما تقع عليه عيناي، أما عن الكتابة فهي تمتلك لحظات خاصة أشبه كثيرًا بلحظات الميلاد، التي لا يوقفها شيء.
لكن حين أتحدث عن القراءة والكتابة في شهر رمضان، فالأمر قد يختلف قليلًا، ففي رمضان، هذا الشهر المبارك، نعيش مشاعر إيمانية خاصة، ونخصص معظم الوقت لقراءة القرآن والصلاة والذكر، ما يقلص الوقت الذي كان يمكن أن نكرسه للقراءة والكتابة، وبهذا نجد أن مؤشر القراءة يقل ويهبط في شهر رمضان قياسًا إلى غيره من الشهور الأخرى، أما حين تحين لحظة الكتابة، فيتوقف كل شيء حتى تمر هذه اللحظة وتتم ولادة النص المكتوب، من هنا ندرك أن القراءة قد تكون قصدية، فيما نجد أن الكتابة هي التي تختار، غالبًا، لحظة ميلادها.
طقوس الكتابة
من العراق، يقول الروائي شاكر نوري: لكل كاتب طقوسه الخاصة في الكتابة مهما تغيرت الظروف، إلا أن شهر رمضان المبارك يفرض طقوسه على الجميع، فكل تفاصيل الحياة تختلف، والكاتب الصائم يضطر إلى تغيير طقوسه، وهذا في حد ذاته تغيير يصب في صميم الكتابة، لأنها لا تعرف الحدود، بل هي التي تتغلب على جميع الظروف وتفرض إرادتها وشروطها، فالكاتب الحقيقي يستطيع أن يكتب في شتى الظروف مهما كانت قاسية، وهناك رحالة ومستشرقون زاروا العالم العربي في القرن التاسع عشر، واضطروا إلى الصيام رغم أنهم غير مسلمين، ولكن احترامًا للحالة العامة للسكان، وفي مقدمة هؤلاء الرحالة جيمس ريتشاردسون، الذي زار غدامس الليبية وصام مع أهلها.
وربما يعمل رمضان بطقوسه وجمالياته على إثارة الوحي عند الكتَّاب والأدباء، من خلال الهدوء والتأمل والاسترخاء، الذي يتمتع به الصائم، فالكتابة تنبع أساسًا من ذات الكاتب، وذات الكاتب مرتبطة بالموضوع، الذي يكتب عنه، وبالنسبة لي فأنا أعمل على موضوع الرواية إلى أن أنجزها بعيدًا عن جميع المتغيرات الحياتية واليومية، فالكاتب يتأقلم مع جميع الظروف من أجل أن تنتصر الكتابة، وكما يقول المثل الإنجليزي: إما أن تكتب وتكون حاضرًا، وإما أن تختفي عن الساحة. والكاتب الحقيقي هو مَنْ يكون حاضرًا على الساحة بحكاياته وقصصه وأساطيره، ويكون على صلة بواقع النشر أيضًا.
العشر الأواخر
ويقول الناقد والروائي الأردني حسين دعسة: طقوس الكتابة والقراءة، هي ذات الطقوس المعتادة عند الكاتب أو المبدع الحقيقي، خصوصًا كاتب السرديات، الذي يجب أن تكون لديه مرجعيات ومصادر لبناء أعماله في القص أو الدراما أو المسرح، وفي رمضان من كل عام أجد فرصة لمراجعة مخطوطات وكتب تكون في حاجة إلى مراجعة واستكمال، فأعززها بالدخول إلى المكتبة ونبش بعض المصادر، التي تصيغ رؤية جديدة ومعاصرة، وما يتغير جزئيا في ليالي رمضان، أن الطقوس الدينية والعادات من تراويح وقيام ليل تغير في العشر الأواخر من طبيعة ما يُكتب، خصوصا لدي ككاتب وصحفي، فأنا أقدم للأطفال مختارات من الكتب، التي تناسب أعمارهم؛ لتتم مطالعتها مع ختم القرآن الكريم في نهاية الشهر.
تعديل العادات
ويميل القاص والناقد السوداني عمر القنديل للقراءة والكتابة ليلًا في شهر رمضان خلاف الأيام الأخرى، مضيفًا: بالنسبة لطقوس رمضان في السودان بشكل عام، فنحن نخرج لتناول وجبة الإفطار في الشارع، كل الجيران يخرجون بالصواني، التي تحوي معظمها أقداح العصيدة، وهي الوجبة الشعبية الأشهر في بلدنا، خصوصا في رمضان، كما تأخذ صلاة التراويح حيزًا ثابتًا من اليوم، بالإضافة إلى قضاء بعض الوقت مع العائلة، ثم أشاهد فيلمًا أو أتجول بين الأوساط الاسفيرية، وأحيانًا تأتيني بعض الخواطر فأدرجها وأزجي بها في صفحتي الفيسبوكية، ولا أكتب كثيرًا في رمضان، لكني أطالع الكتب التي غالبًا ما تكون في علم النفس، لإيماني بأن شهر رمضان أكثر الأوقات ملاءمة لإجراء تعديلات على مستوى العادات.
صور التراحم
وسوريا، يقول الشاعر أمجد الخطاب: كأن الزمان يعود إلى سيرته الأولى وتنفرج أساريره بعد طول تجهم وامتعاض، وإذا بصور الجمال والتآلف والتراحم، التي كانت محط دهشة واستغراب، تتماثل أمام أعيننا حقيقة جلية، بل ونصنعها نحن بأيدينا غير آبهين بأتون هذه الحياة المريرة، ففي رمضان تتشابك وشائج القربى وتتصالح الكلمات المتنافرة وتخمد براكين الأنفس المتصارعة، وتهب نسائم الرحمة، وما بين السحور إلى الفطور تسعى القلوب المتعطشة إلى بعض الروحانيات لتجلو صدأ القسوة، التي ران عليها طيلة العام، وتحاول جاهدة بسط يديها لتنال الرضا والقبول.
وفي رمضان طقوس لا تتغير في أي مكان، أصوات الباعة قبل الإفطار، صوت المدفع، وتزداد وتيرة القراءة بالإقبال على القرآن تلاوة وتفسيرًا، في حين تخلد الكتابة إلى الراحة، لأن شياطين الشعر وسحرة البيان تخشى أن تُصفّد كما فعل بأشياعهم، فتأوي إلى جبل تعصم نفسها حتى يأذن الشهر بالرحيل.