عبدالعزيز الذكير

من بين الأسباب العديدة التي تدفع الناس إلى السفر للهند للعلاج ما شاع على نطاقٍ واسعٍ من أن البلد استفاد من كثافة الكتلة السكانية الكبيرة في توفّر التجارب الطبية، وإنشاء المختبرات التي فتحت لهم التجارب العلمية، وجعلتهم يبرعون في التشخيص والعلاج لتوافر الحالات وفحوص الحالات الصعبة وكثرتها، والدراسات التشريحية وتوفّر الجثث والوصول إلى المقارنة الفاصلة.

المحرّك الرئيسي للسياحة الصحية في الهند هو قدرتها على توفير العلاجات المعقدة المتخصصة بأسعار تنافسية. لدى الهند أيضًا العديد من المستشفيات التي تلبّي المعايير الدولية العالية، واللغة الإنجليزية أصبحت متحدثة بشكلٍ واسعٍ؛ مما يجعلها خيارًا جذابًا للسفر الطبي.

قد يكون لدى الجهات العلمية والأكاديمية في بلادنا عذر وهي تحسّ بالتقصير والإرهاق من واقعها البحثي الحالي.. وعلاقاتها بالعصر وتحدياته. ولن أعدم مَن يتفق معي في حتمية استثمار كثرة الأجناس العرقية التي تستقبلها وتعتني بها بلادنا.

فالجاليات الأجنبية في بلادنا كثيرة، مقيمة وعابرة للحج والعمرة والزيارة.. وطوال المدة التي تمتعنا بها بهذه الميزة من بين بلدان المنطقة لم أرَ شيئًا بحثيًا ظاهرًا استفدنا منه.. كالمراكز الصحية التعليمية والبحثية التي تهتم بالبحوث الصحية.

في لندن - وأظن أنه خلال سِنيّ الأربعينيات - ظهر مركز طبي كبير يعتني بشؤون وعلاج حالات أمراض المنطقة الحارة، اسمه «هوستبال فورترو بيكال ديزيزيز» HOSPITAL FOR TROPICAL DISEASE، وحسب علمي أنه كان وربما لا يزال تابعًا لجامعة لندن، وفكرته نشأت من وجوب الاستفادة من وجود الجاليات ذوي الجنسية البريطانية، والجذور الآسيوية والأفريقية.. والعلاج فيه بموجب تحويل من طبيب الأسرة، وفيه الخدمة المجانية والخدمة المدفوعة الأجر.. لكنه مستشفى كان مضربًا للأمثال في توزيع مبانيه وممراته وتنظيم مواعيده وسعة حدائقه.

والتساؤلات تظل تراوح في بلادنا: لماذا لم يجرِ استغلال وجود الزائرين والمقيمين بمنحهم الخدمة الصحية المجانية في مراكز تعليمية وبحثية متخصصة تجعل المتخرج في الطب ببلادنا موسوعة علمية وعملية، تعطيه ذِكرًا طيبًا وحسنًا؛ لكونه مرّ على حالات عديدة من بلدان عديدة، أثناء فترة الامتياز والتدريبات العملية.

لندن لم تُنشئ مثل ذلك الصرح إلا بعد أن عرفت قيمة المستشفيات التعليمية.. وتأكدت من جدوى تخريج شريحة جيدة من الأطباء.

A_Althukair@