أكابر الأحمدي – جدة

رغم الطفرة الكبيرة التي شهدتها الدراما السعودية، سواء من حيث المستوى أو غزارة الإنتاج، فإن حركة الدراما لا تزال بعيدة عن تقديم الأعمال التاريخية التي تسرد تاريخ المملكة، وتسلّط الضوء على الأماكن والشخصيات التاريخية التي كانت لها بصمة واضحة في بناء الدولة، وذلك في خطوة لتخليد تاريخ الدولة السعودية، والسؤال الذي يبحث عن إجابة هو: لماذا عزف المنتجون والكُتّاب عن تناول تلك الأحداث في الدراما؟

يقول أستاذ التاريخ الحديث بجامعة أم القرى د. فهد بن عتيق المالكي: الدراما اليوم تُعد وثيقة تاريخية نصل بها الأجيال بعضها مع بعض، ونحافظ بها على موروثنا الشعبي والثقافي والسياسي والاجتماعي، فالتاريخ السعودي الذي بدأ قبل قرابة 300 عام يزخر بالعديد من الشواهد والمواقف التي تصلح لأن تُجَسَّد كدراما لتقريبها من المجتمع أكثر، ومن تلك الأحداث على سبيل المثال لا الحصر تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود، وما دار فيها من أخبار ووقائع، وكذلك نشأة الدولة السعودية الثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله، وما تلا ذلك من أحداث تاريخية، بالإضافة إلى مراحل توحيد البلاد على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيّب الله ثراه -، والأحداث التي كانت في عهده، غير التطورات الهائلة والنقلات النوعية كمًّا وكيفًا في كل مجالات الحياة التي شهدها التاريخ السعودي، وهي حقيقة محط صناعة درامية متميزة، ومن هذا المنبر أنادي كل المهتمين بالدراما السعودية والمحافظين على تراث الوطن وحضارته، أن يضعوا أيديهم في يد المؤرخين المتخصصين في التاريخ السعودي، لأنهم الوحيدون القادرون على إمدادهم بالتاريخ الصحيح لمسيرة المملكة.

أما كاتبة السيناريو والروائية أماني السليمي، فقالت: بالطبع الدراما التاريخية تسهم بشكل كبير في إيضاح الحقائق بشكل مبتكر وبمسارات مشوقة، ولدينا أعمال تاريخية ضخمة كفيلم «وُلد ملكًا»، وهناك خطط قادمة لهذا التوجّه الدرامي التاريخي الوطني لمجموعة من الشخصيات السياسية العظيمة التي تستحق التخليد الدرامي، لكن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى فترة زمنية طويلة لتحرّي الدقة التاريخية والكتابة الدرامية العميقة، وإنتاج ضخم ورؤية وإخراج عالمي مختص بالأعمال التاريخية.

ويضيف المنتج خالد ناصر المسيند: الدراما التاريخية موضوع مهم، ومعظم الأعمال التاريخية لأي دولة تكون المؤسسة أو الوزارة أو التليفزيون الحكومي هو الذي يتبناه من نواحٍ عدة، مثل النص الجيد والمصداقية في طرحه، وألا يكون مسيسًا من أي جهة، أو فيه إسقاطات، وكذلك الميزانية الضخمة، والمنتج ذو الخبرة بمثل هذه الأعمال، والمخرج المتمكن، وكل هؤلاء إن اجتمعوا فسيكون بالإمكان عمل مسلسل تراثي تاريخي، والمملكة تمتلك القدرة التي تمكنها من إخراج عمل مميز.