عبدالله الغنام

يظل رمضان بأجوائه ونسماته الهادئة والروحانية يهيمن على المشهد العام للحياة. ومن الملاحظ أن الزخم لحركة المركبات والأفراد في الأسواق والمولات والشوارع ليست كسابق عهدها في أعوام خلت، فهي أقل ازدحاما وكثافة، ولعل هذا واضح للعيان بسبب تأثير جائحة كورونا المستجد على الوضع العام. ومن المفرح حرص الأغلبية على تطبيق الإجراءات الاحترازية، فهو العنوان الأبرز لهذا الشهر الفضيل.

ورمضان هذه السنة يطل أكثر هدوءا نسبيا بسبب أن الاجتماعات الأسرية والمجتمعية والنشاطات المختلفة قد قلت في ظل الظروف الراهنة. ولكن في الجانب الآخر فقد وفرت وسائل الاتصالات الحديثة طرقا شتى للتواصل المرئي والمسموع، وهي أصبحت الطابع العام للقاءات والمحادثات. وهي أيضا ستكون البديل والعادة الجديدة المفضلة لدى البعض للتواصل بعد الانتهاء من هذه الأزمة بإذن الله.

ومن المهم تذكير أنفسنا مع كثرة استخدام وسائل التواصل الحديثة أنها تعج بالشائعات والأخبار والمعلومات المغلوطة وغير الموثوقة. وهنا يأتي دورنا في دقة التحري في نقل المعلومات خصوصا الطبية والصحية؛ لأن أثرها خطير على الأفراد وبالتالي على المجتمع. واليوم أصبح بإمكاننا بسهولة التأكد من صحة المعلومة من خلال القنوات والمنصات الرسمية قبل مشاركتها مع الآخرين، وذلك يدخل تحت باب (فتثبتوا).

صحيح أنه شهر عبادة وفضل، ولكن المتوقع والمنشود منا اتباع التعليمات، والحرص على تطبيق النصائح والإرشادات التي تصدر من قبل الجهات الرسمية. وحتى تنقشع هذه الجائحة قريبا يقع على عواتقنا الحرص على أخذ اللقاحات ضد هذا الفايروس حتى يصل المجتمع إلى مرحلة التعافي، وتعود الحياة إلى طبيعتها. وهذا الأمر لا يتأتى إلا بتضافر الجميع، وتعاونهم في أخذ المسألة على محمل المسؤولية المجتمعية، وعلى أنه من باب التعاون على الخير والبر، فنحن في نهاية الأمر في سفينة واحدة، ومن البديهيات الحرص على ألا تُخرق السفينة بسبب الإهمال أو التراخي والتسويف. وقد ألحت وأصرت وكررت وزارة الصحة على مقولة: (نتعاون ما نتهاون) فياليت بعض المهملين يعقلون؟!

وعودًا على ذي بدء (أجواء رمضان) وحتى لا ننغمس كثيرا مع ملهيات الجوال ومواقع التواصل الاجتماعي وما كان على شاكلتها فلعلي اقتضب جزءا مما قاله الشيخ الأديب علي الطنطاوي -رحمه الله-عن هذا الشهر الفضيل لتنشيط النفوس والعقول: «فيا من لهم رمضان! لا تظنوا رمضان شهر جوع وعطش! إن رمضان شهر صفاء وحب وتأمل، وترفع عن المادة وأوضارها، وعن شهوات النفس وأوزارها، وإعراض عن مشاهد الطريق؛ للتفكر في غاية الطريق. ويا من ليس لهم رمضان! اجعلوا لأنفسكم رمضان مثلنا، تعودون فيه إلى نفوسكم التي نسيتموها، وإلى إنسانيتكم وإلى ربكم».

ومن نافلة القول أن هذا الشهر ارتبط بقراءة القرآن الكريم، ولكن إلى أولئك الذين ما زالوا متعلقين بهوايات كشغف القراءة والاطلاع، ومن أجل ألا يخرجوا من أجواء هذا الشهر لعله من النافع الانشغال بقراءة الكتب التي تبقي الإنسان في محيط نسماته. مثل كتب التفسير ومنها ابن كثير لمن أرد الإسهاب، وتفسير السعدي لمن أرد الاختصار. وأما في جانب القرآن وعلومه، فكتاب (البرهان في علوم القرآن) للزركشي شيق وعميق. ولقراءة سيرة الرسول - عليه الصلاة والسلام - نهكة خاصة في هذا الشهر، فهناك (السيرة) لابن هشام، (الشفا للقاضي) عياض، (كتاب الرحيق المختوم) للمباركفوري، (الأطلس التاريخي لسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام) للمغلوث.

ولأن هذا الشهر مرتبط دائما بالبذل والعطاء، والنفس فيه أكثر طواعية للتكاتف والتعاون، والإحساس الصادق بمعاناة الآخرين، فهناك أبواب كثيرة للجود على المحتاجين والفقراء من خلال عدة منصات وقنوات رسمية وخيرية متنوعة (مثل: منصة إحسان، جود الإسكان) يمكننا بيسر المشاركة والتبرع بها بضغطة زر!

abdullaghannam@