عمر بن عبدالرحمن الشدي

قامت الدول الكبرى منذ القِدَم على خططٍ وأعمالٍ شكّلت الصورة الكاملة لها، عبر نماذج مبتكرة ومطوَّرة ومجددة، أثرت الحياة حينها بأفكارٍ ورؤى كانت بوصلة النمو والتقدم، لتخلد تلك الدول اسمها، وتذكر في التاريخ بأنها علامة فارقة في حياة الإنسان، فرضت مساحات كبيرة من التطور والحلول.

والرؤى تشكَّلت من مجموعةٍ من الحلول التي كوَّنت جسرًا متين البناء، يحقق نسبًا عالية من رضا مَن بنوه، ويلامس شغفهم وطموحهم العالي، وربما كانت الفكرة عندما كتبت في سطورها الأولى طموحًا صعبًا مليئًا بالطرق الوعرة، تحتاج حِنكةً وتضحيةً وصبرًا حتى نصل إلى نتاجها في نهاية المطاف.

ولعل رؤية المملكة 2030، كانت نتاج تفكير عميق في مستقبلٍ متغيِّر يحتاج إلى الكثير من الجهد للنهوض به، وأذكر عندما أعلنت الرؤية قبل 5 أعوام، كان الأمر متفائلًا رغم صعوبة وضوح المشهد، وكنا نتساءل خلال 14 عامًا كيف سنكون، ومتى سنلامس التغيير، وكان أكثر المتفائلين يرى أن ذلك سيكون في آخر 3 أو 4 سنوات من الرؤية بحكم أنها تحتاج إلى بناء وجهد مُضنٍ لبلوغ ذلك، إلا أننا، خلال العامين الأولَين، لمسنا التغيير وبداية التحوُّل والانطلاق بسرعةٍ فاقت توقعاتنا، وبقية الرؤية تنضج وتتحسن بشكل متسارع حتى شكَّل العام الحالي 2021 نقطة صدارة للمملكة في كثير من المجالات، ولعل أبرزها التقني والإنساني، والحفاظ على البيئة، وكذلك النمو في البناء الاقتصادي، حيث تشير التوقعات إلى أن الناتج المحلي في 2025 سيلامس سقف 3.75 تريليون ريال، وهو رقم كبير جدًا، ولكنه سيكون أحد نقاط الصعود في الناتج المحلي ليصل في الأعوام التي تليه إلى أرقام أكبر.

ولعل لكل رؤية طموحة أمورًا تحدث لتثقلها أو تؤخر من نموها، وما لجائحة كورونا أمر مهم لذلك، حيث كانت وما زالت أمرًا طرأ على الخارطة الصحية والاقتصادية في العالم بأسره، إلا أن من أقل دول العالم تأثرًا بالجائحة كانت المملكة، والتي يتوقع أن تكون أيضًا من أسرع الدول تعافيًا بعدها، حسب المؤشرات التي تم رصدها.

ولا شك في أننا بالمملكة العربية السعودية نتمتع بقيادةٍ طموحةٍ مكَّنتنا من المشاركة في خطط رؤية 2030 بمباركةٍ كبيرةٍ من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود يحفظهما الله، والتي سهّلت أمورًا كثيرة لنا جميعًا؛ للمشاركة في البناء والوصول بالمملكة إلى مصاف الدول الأكبر اقتصادًا وجودة في الحياة، وابتكارًا في العالم، ونترك وراءنا أفكار الدولة النفطية صاحبة الاقتصاد الأوحد، إلى دولة منفتحة اقتصاديًا وصناعيًا، تبني وتبتكر وتصنع كل ما يُضيف لتقدّم العالم، وتكون المملكة إحدى أهم الدول اقتصاديًا بتنوع سلال مواردها.

@alsheddi