د. عبدالله محمد القرني

يبلغ الإنتاج السنوي للطاقة الكهربائية بالمملكة العربية السعودية حوالي 86 جيجاوات، وتعتمد في ذلك وبشكل رئيسي على الغاز الطبيعي (60%) والنفط (40%) كمصدرين رئيسيين للطاقة. ويتوقع المختصون أن تتغير هذه النسب بصورة سنوية ومتدرجة وصولاً للعام 2030، حيث تشير الدراسات إلى أنه بحلول عام 2030 سترتفع نسبة استخدام الغاز الطبيعي في إنتاج الطاقة الكهربائية لتصل حوالي 70% بينما ستنخفض نسبة استخدام النفط إلى أقل من 20% بينما سيتم إنتاج حوالي 10% من الطاقة من خلال استخدام تقنيات الطاقة المتجددة والمستدامة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وسيتم تبني التحول إلى استخدام تقنيات الطاقة المتجددة ضمن البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، وهو أحد المبادرات الإستراتيجية لرؤية المملكة 2030، وكذلك مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة، ويهدف هذا التحول في المقام الأول إلى المحافظة على سلامة البيئة، فكما هو معلوم أن حرق الوقود التقليدي يؤدي إلى انبعاث الغازات الملوثة للغلاف الجوي، التي بدورها تؤدي لارتفاع درجات الحرارة وتزيد من احتمالية حدوث الجفاف والتصحر، ومن المتوقع أن يساهم هذا التحول إلى انخفاض الانبعاثات الكربونية السنوية الناتجة عن احتراق الوقود.

إضافة إلى ذلك، فإن المملكة تملك المقومات الرئيسية والطبيعية والمهمة في هذا التحول من حيث المناخ والموقع الجغرافي، حيث تقع المملكة في نطاق الحزام الشمسي العالمي وهو العنصر الرئيسي في إنتاج الطاقة الكهربائية من خلال أشعة الشمس، بالإضافة إلى وجود مادة السيليكا في رمال وصحاري المملكة بجودة عالية وكميات اقتصادية كبيرة وهي المادة الخام الرئيسية الداخلة في صناعة ألواح الخلايا الشمسية، التي تحول أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية، أما فيما يخص المدخلات الأخرى لصناعة الألواح الشمسية كالألومنيوم والبلاستيك وغيرهما من المواد، فهي أيضاً متوافرة ومصنعة محلياً وكل ذلك سيعزز من خفض تكاليف الاستثمار (Capital Investment) لهذه المشاريع ويحفز لدخول المستثمرين لهذا المجال.

أما فيما يخص طاقة الرياح وهي أحد أنواع الطاقة الخضراء المهمة إضافة إلى الطاقة الشمسية، فتشير الدراسات إلى وجود مناطق كثيرة في المملكة تتميز بسرعات رياح عالية ومثالية لمثل هذه الأنواع من المشاريع وهي مناطق دومة الجندل والعقبة والطائف والشواطئ البحرية الطويلة بالمملكة. وتتميز طاقة الرياح بأنها صديقة للبيئة، حيث يتم إنتاج الطاقة الكهربائية دون أي انبعاثات ملوثة للبيئة، كما أن تكلفتها الإنشائية منخفضة نسبياً مقارنة بالأنواع الأخرى.

ومن مميزات استخدام أساليب الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في تلبية الاحتياج المتزايد على الطاقة المحلية هو انخفاض التكلفة التشغيلية لهذه الأنظمة مقارنة بمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية، التي تعتمد على الإنتاج بالأساليب التقليدية.

ومن أنواع الطاقة المتجددة والمستدامة، التي يمكن أن تكون بديلاً للأساليب التقليدية الحالية هي الطاقة الذرية أو النووية، التي تمثل حوالي 20% من الطاقة بالعالم ولكن يعاب على هذا النوع التقنيات التكلفة العالية، بالإضافة إلى محاذير تتعلق بالسلامة وخطر الإشعاعات. وقد تم تأسيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة بهدف قيادة هذا التحول ووضع إستراتيجياته وعمل دراسات الجدوى الخاصة باستخدام المفاعلات النووية في الاستخدامات السلمية.

وأخيراً، فبالإضافة إلى الفوائد الآنفة الذكر، فإن للتحول إلى الطاقة المتجددة فوائد اقتصادية أيضاً تكمن في المساهمة في خفض استهلاك النفط المستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية محلياً، الذي يبلغ حوالي ثلاثة ملايين برميل يومياً ويمثل حوالي 30% من الإنتاج اليومي، والاستفادة من مقدار هذا الوفر في عمليات التصدير للخارج لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة عالمياً وتعزيز الإيرادات.

@abolubna95