فهد سعدون الخالدي

بصراحة لا أتردد في القول إن وضوح الفكرة لدي عن رؤية المملكة 2030 قد أصبح أكثر وأكثر بعد مشاهدتي واستماعي للمقابلة، التي جرت مع سمو ولي العهد بمناسبة مرور خمس سنوات على إطلاق رؤية المملكة 2030، ونقلتها العديد من محطات التليفزيون المحلية والعربية والأجنبية، وأعتقد أن الكثيرين يشاركونني هذا الانطباع من حيث فهم الرؤية والوعي بعمقها ومنطلقاتها وآليات تحقيقها. وقد لفت نظر الجميع بلا شك إحاطة سموه بأدق التفاصيل وجاهزية سموه لذكرها وربط الأسباب بالمسببات والنتائج ومستهدفات الرؤية وممكنات تحقيقها، وما تم تحقيقه بعد مرور خمس سنوات منها، وقبل ذلك التحديات التي واجهت تحقيق الرؤية عند انطلاقها عام 2016م ممثلة بعدة أسباب في مقدمتها عدم العناية بالرؤية بعيدة المدى عند منظمات العمل العام، وعدم وجود التنسيق بين أجهزة الدولة المعنية في تنفيذ مشروعات الرؤية وبرامجها، مما أعاق تنفيذ الكثير منها بسبب غياب هذا التنسيق، أو بسبب عدم وجود الأشخاص المناسبين في المواقع القيادية بالجهات الحكومية ذات العلاقة بهذه المشاريع من المستوى القيادي الأعلى ممثلاً ببعض الوزراء وصولاً إلى المسؤولين التنفيذيين في هذه الجهات، وكذلك غياب وجود الصف الثاني من القيادات مما أخر العمل في المشروعات لمدة ثلاث سنوات من 2015 - 2018، حيث استنفدت فترة من هذه المدة في اختيار أصحاب الكفاءات القادرة على تحمل المسؤولية في زمن الرؤية، ويتضح أثر ذلك من خلال النمو في خطوات التنفيذ، الذي تحقق عام 2019 وما بعده، حيث تم استدراك هذا الخلل وإنشاء اللجان ثم المجالس المتخصصة، التي سيعهد إليها بتحقيق المطلوب وتسهيل الإجراءات، وقد ضرب سموه مثالاً على ذلك بمجال الإسكان لأهميته القصوى في حياة المواطنين، حيث أعاقت البيروقراطية إنفاق (250) مليار ريال تم تخصيصها لمشاريع الإسكان في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله-، مما أعاق مشاريع الإسكان من جهة، وحرم السوق المحلي من إنفاق هذا المبلغ في السوق لتأمين احتياجات مشاريع الإسكان من المواد الإنشائية والخدمات اللوجيستية، وكذلك ما تسبب به من ضياع الآلاف من فرص العمل والمشاريع على الشركات المنفذة والمقاولين وغيرهم، ثم شرح سموه كيف استطاعت الخطوات، التي تم اتخاذها حتى الآن في مجال الإسكان من تدارك هذا الخلل، حيث أصبح الحصول على رخصة البناء، الذي كان يحتاج أشهر وأسابيع يتم خلال دقائق، وكذلك التنسيق السريع والمتقن بين الجهات ذات العلاقة بمشاريع الإسكان لإنهاء الإجراءات بسرعة مثل البلديات والبنوك والكهرباء والعدل وغيرها، مما جعل المستهدفات المحددة في الرؤية في مجال الإسكان وهي امتلاك 62% من السعوديين لمساكن خاصة بهم يتحقق منه 60% في الخمس سنوات الأولى، مما يستدعي رفع المستهدف إلى 65% أو أكثر من هذا السقف، ومع اهتمام سموه بهذا القطاع، الذي هو من أهم احتياجات المواطنين إلا أن سموه في حديثه قد رتب الأولويات بشكل لافت للنظر، حيث بدأ بالحديث حول التعليم وطموحات الرؤية في هذا المجال، التي يتضح من خلالها عمق ووضوح الرؤية في مجال التعليم ودوره في تحقيق كل التحولات التنموية والاقتصادية وأهداف جودة الحياة، حيث أكد أن تزويد الطلاب بالمهارات سيكون المستهدف الأول في التعليم لأنها هي ما يجب أن يمتلكه المواطن في هذا العصر، وإن هؤلاء الذين يملكونها يخصص ميدان الأعمال لهم الفرص الأكبر من الوظائف، وأن مَنْ يفتقدون هذه المهارات لن يكون لهم فرص للعمل في المستقبل، ولذلك فإن التعليم في المملكة سوف يظل يسعى لتحقيق الأفضل مع التقدير لدوره الحالي في تحقيق المخرجات وإعداد الكوادر البشرية، التي لم يكن تنفيذ الرؤية ممكناً بعد عون الله إلا مع وجودها، حيث إن المواطن السعودي كما أكد سموه في بداية حديثه أيضاً هو أعظم ما تملكه المملكة من الثروات، ودوره هو الدور الأهم في تحقيق أي شيء نسعى لتحقيقه، وهذا الدور لن يكون كما نشاء إلا إذا كان المواطن السعودي مقتنعاً ومشاركاً في تحقيق هذه الرؤية، وما لم يكن المسؤول في كل المواقع شغفاً بتحقيق دوره في مجال مسؤوليته، وليس كما كان الأمر سابقاً حريصاً على أداء دوره الروتيني والتقليدي في العمل وتمرير المعاملات وإنجازها بشكل روتيني متكرر يفتقر للإبداع والابتكار.. وللحديث صلة.

Fahad_otaish@