تسابقوا في رصد عاداته وتقاليده ونقلها في منتجهم الإبداعي
شغلت عادات وطقوس شهر رمضان تفكير الأدباء والشعراء منذ قرون طويلة، فحرصوا على نقلها في منتجهم الإبداعي، خاصة في الشعر، فاستعرضوا مظاهر استقباله، وتغنوا بروحانياته، وفي العصر الحديث دخلت القصة والرواية في تنافس فني مع الشعر، فتبارى الأدباء في نقل عادات وتقاليد الشهر في أعمالهم الإبداعية، كما اعتادوا على توهج الحياة الثقافية خلال الشهر قبل الجائحة، فكانت الجهات الثقافية تتسابق في إقامة الندوات والأمسيات بعد صلاة التراويح، وبذلك أصبح الشهر مناسبة دينية تنعكس إيجابًا على الحركة الثقافية بشتى ألوانها.
حضور سردي
قال عضو رواق السرد بنادي جدة القاص سلطان العيسي: شهر رمضان ليس فقط مناسبة دينية، بل مناسبة لها طابعها الاجتماعي والثقافي الخاص، الذي يتناسب مع الذاكرة الجمعية للشعوب، من هذا المنطلق كان لرمضان حضور في مختلف العصور في فنون السرد بعمومها، بداية بالحكايات الشعبية، وانتهاء بفنون السرد الحديثة مثل القصة القصيرة والرواية، إذ يمكن تلمّس شكل الحضور بصورة عامة على مستوى خلفية الأحداث، وتفاعل الشخصيات والطبقات الاجتماعية داخل الحكاية أو الرواية والقصة، فتبدو أولًا الحكاية أكثر الفنون الشعبية التي تفاعلت مع شهر رمضان المبارك، فالمخيلة الشعبية كانت سخيّة في ليالي رمضان، ويحكي الرجال والنساء للأبناء والأحفاد حكايات مليئة بالقيم والرسائل التربوية، بالإضافة إلى توسّل متعة ومهارة الحكي.
توظيف فنيوأضاف: وظهر شهر رمضان في السرد الحديث في القصة والرواية وفق توظيفات فنية متفاوتة، فمن أبرز المجموعات القصصية التي تطرقت للشهر بروحانيته وطقوسه مجموعة «عقلي وقلبي» لإحسان عبدالقدوس، التي تناولت بعض الطقوس الدينية والعادات الاجتماعية التي تبرز في رمضان في المجتمعات العربية، كذلك من القصص التي تناولت رمضان بروحانيته قصة «جمهورية فرحات» و«رمضان» ليوسف إدريس التي ظهر فيها رمضان كخلفية تؤثر في طبيعة تصرفات الشخصيات، كذلك ظهر رمضان في عدد كبير من القصص لمحمود البدوي وإبراهيم المصري.
علامة مضيئةوتابع العيسى: ومن الروايات العربية التي أظهرت بعض الطقوس الخاصة بشهر رمضان رواية «في بيتنا رجل» لإحسان عبدالقدوس، التي أظهرت عادات رمضان لدى الأسرة العربية البسيطة من خلال تفاعل الشخصيات، ورواية «واإسلاماه» لعلي أحمد باكثير، و«لا أحد ينام في الإسكندرية» لإبراهيم عبدالمجيد، و«قنديل أم هاشم» ليحيى حقي، وهذه الروايات أظهرت بعض العادات الاجتماعية لرمضان في المجتمع العربي، كذلك أبرزت مجموعة من روايات نجيب محفوظ شهر رمضان بصور متعددة ولعل أشهرها رواية «خان الخليلي» التي صوّرت شهر رمضان في القاهرة أثناء الحرب العالمية الثانية، وما يدور في الأحياء الشعبية من أجواء رمضانية، يتضح مما سبق أن شهر رمضان ترك علامة مضيئة في السرد العربي، بما يتمتع به من طقوس وعادات جميلة.
ضعف المنتج
أما الكاتب د. شاهر النهاري، فقال: ذكريات الشهر الكريم وروحانياته وندواته، وتجميعة الفكر والثقافة فيه يندر أن توجد في الندوات التي نحضرها في عصرنا الحالي، فليس من السائد أن يتم الدمج الثقافي بهذه الطريقة القريبة للنفس، فنحضر ندوات تستطيع أن تقول عنها إنها روتينية أو مكررة، أو في الوعظ أو في التاريخ الإسلامي لشهر رمضان من نواحي الغزوات والأعمال البطولية، التي كانت تحدث في فجر الإسلام، فالذكريات تحتاج إلى متحدث يعرف كيف يصوغ حكايته الخاصة، ودون مقاصد مسبقة.
معانٍ روحية
وأشار الشاعر د. عبدالله الخضير إلى أن الشعراء لم يكونوا بعيدين عن وصف شهر رمضان بتفاصيله، منذ أن يبدأ هلاله في الظهور إلى أن ينتهي، ويتناولون عادة المعاني الروحية السامية التي تهدأ بها النفوس ويتحقق بها الرضا، فالشاعر يبتهج بقدومه، كما قال عبدالقدوس الأنصاري:
فأنت ربيع الحياة البهيج
تنضّر بالصفو أوطانها
غياب الشعراءوأضاف: حين تلتقي روح الشاعر برمضان فاللقاء هنا مختلف؛ لأن الشاعر يلتقيه بحروف نورانية من الإشراق والبهاء، كما عبّر عن ذلك الشاعر حسين عرب، حين قال «سعدت بلقياك الحياة وأشرقت وانهلّ منك جمالها الفتّانُ»، لكن ضعفت همّة الشعراء في التعامل مع رمضان في الموسمين الماضيين بسبب الجائحة التي أثرت على المشاعر والأحاسيس، فالتركيز أصبح منصبًا على كيفية صيام رمضان دون الإصابة بأذى، وهكذا لم تعد شاعريتهم بذلك الحضور في رمضان والكتابة عنه.
مظاهر ثقافية وقال القاص د. صالح السهيمي: يحلُّ شهر رمضان وتحلُّ معه البركة والروحانية، فرمضان الروح والعبادة والأنوار، ورمضان الصوم والتراويح، وفي ذلك يقول الشاعر محمود عارف -رحمه الله-:
في رَحْبِ أرواحنا لاحتْ بوادرهُ
تهزُّ أشواقنا هزَّ الأراجيحِ
في كوكب الأرض شهر الصوم قد بزغت
أنواره تتجلى في التراويحِ
شهر له في قلوب الناس منزلة
وفي القلوب له نور المصابيحِ
تسمو أنواره الروحانية بالنفس، وترتقي بالقراءات المتنوعة، والأدبيات المتواكبة مع تعابيره الراقية ومعانيه السامية، وثقافته التي تحتفي بالإيمان في الكتابة والإبداع، حين تنسجم مع روحانية الشهر وفيوضاته التأملية يجتمع الأدب بالثقافة؛ ينشدان الروحانية عبر ميقات الزمن، ويستعيدان بوصلة الحياة باتجاه الإيمان، الوجهة التي تؤثث النفس بالعلاقات الاجتماعية والالتفاف الأسري والاجتماع العائلي، ويرصدان بعض العادات والتقاليد الثقافية المهمة والمتناغمة مع شهر رمضان؛ ولعل أبرزها: «المسحراتي» الذي لم يعد له وجود الآن سوى وجوده في الذاكرة التي شاخت بها الأيام، وأثقلتها الأعوام، سيظل المسحراتي من العادات الثقافية الرمضانية، وكذلك «الحكواتي الشفاهي» الذي يُعد جزءًا من الثقافة المتلاشية، وتتجلى بعض العادات القرائية في «قصص الأنبياء» و«سيرة ابن هشام» وغيرها من الثقافات القرائية في رمضان، وتتفرد الثقافة العربية والإسلامية بأهم القراءات المتمثلة في كتاب الله «القرآن الكريم» الذي يُعد الركيزة الثابتة عبر الأزمنة والأوقات.
حضور سردي
قال عضو رواق السرد بنادي جدة القاص سلطان العيسي: شهر رمضان ليس فقط مناسبة دينية، بل مناسبة لها طابعها الاجتماعي والثقافي الخاص، الذي يتناسب مع الذاكرة الجمعية للشعوب، من هذا المنطلق كان لرمضان حضور في مختلف العصور في فنون السرد بعمومها، بداية بالحكايات الشعبية، وانتهاء بفنون السرد الحديثة مثل القصة القصيرة والرواية، إذ يمكن تلمّس شكل الحضور بصورة عامة على مستوى خلفية الأحداث، وتفاعل الشخصيات والطبقات الاجتماعية داخل الحكاية أو الرواية والقصة، فتبدو أولًا الحكاية أكثر الفنون الشعبية التي تفاعلت مع شهر رمضان المبارك، فالمخيلة الشعبية كانت سخيّة في ليالي رمضان، ويحكي الرجال والنساء للأبناء والأحفاد حكايات مليئة بالقيم والرسائل التربوية، بالإضافة إلى توسّل متعة ومهارة الحكي.
توظيف فنيوأضاف: وظهر شهر رمضان في السرد الحديث في القصة والرواية وفق توظيفات فنية متفاوتة، فمن أبرز المجموعات القصصية التي تطرقت للشهر بروحانيته وطقوسه مجموعة «عقلي وقلبي» لإحسان عبدالقدوس، التي تناولت بعض الطقوس الدينية والعادات الاجتماعية التي تبرز في رمضان في المجتمعات العربية، كذلك من القصص التي تناولت رمضان بروحانيته قصة «جمهورية فرحات» و«رمضان» ليوسف إدريس التي ظهر فيها رمضان كخلفية تؤثر في طبيعة تصرفات الشخصيات، كذلك ظهر رمضان في عدد كبير من القصص لمحمود البدوي وإبراهيم المصري.
علامة مضيئةوتابع العيسى: ومن الروايات العربية التي أظهرت بعض الطقوس الخاصة بشهر رمضان رواية «في بيتنا رجل» لإحسان عبدالقدوس، التي أظهرت عادات رمضان لدى الأسرة العربية البسيطة من خلال تفاعل الشخصيات، ورواية «واإسلاماه» لعلي أحمد باكثير، و«لا أحد ينام في الإسكندرية» لإبراهيم عبدالمجيد، و«قنديل أم هاشم» ليحيى حقي، وهذه الروايات أظهرت بعض العادات الاجتماعية لرمضان في المجتمع العربي، كذلك أبرزت مجموعة من روايات نجيب محفوظ شهر رمضان بصور متعددة ولعل أشهرها رواية «خان الخليلي» التي صوّرت شهر رمضان في القاهرة أثناء الحرب العالمية الثانية، وما يدور في الأحياء الشعبية من أجواء رمضانية، يتضح مما سبق أن شهر رمضان ترك علامة مضيئة في السرد العربي، بما يتمتع به من طقوس وعادات جميلة.
ضعف المنتج
أما الكاتب د. شاهر النهاري، فقال: ذكريات الشهر الكريم وروحانياته وندواته، وتجميعة الفكر والثقافة فيه يندر أن توجد في الندوات التي نحضرها في عصرنا الحالي، فليس من السائد أن يتم الدمج الثقافي بهذه الطريقة القريبة للنفس، فنحضر ندوات تستطيع أن تقول عنها إنها روتينية أو مكررة، أو في الوعظ أو في التاريخ الإسلامي لشهر رمضان من نواحي الغزوات والأعمال البطولية، التي كانت تحدث في فجر الإسلام، فالذكريات تحتاج إلى متحدث يعرف كيف يصوغ حكايته الخاصة، ودون مقاصد مسبقة.
معانٍ روحية
وأشار الشاعر د. عبدالله الخضير إلى أن الشعراء لم يكونوا بعيدين عن وصف شهر رمضان بتفاصيله، منذ أن يبدأ هلاله في الظهور إلى أن ينتهي، ويتناولون عادة المعاني الروحية السامية التي تهدأ بها النفوس ويتحقق بها الرضا، فالشاعر يبتهج بقدومه، كما قال عبدالقدوس الأنصاري:
فأنت ربيع الحياة البهيج
تنضّر بالصفو أوطانها
غياب الشعراءوأضاف: حين تلتقي روح الشاعر برمضان فاللقاء هنا مختلف؛ لأن الشاعر يلتقيه بحروف نورانية من الإشراق والبهاء، كما عبّر عن ذلك الشاعر حسين عرب، حين قال «سعدت بلقياك الحياة وأشرقت وانهلّ منك جمالها الفتّانُ»، لكن ضعفت همّة الشعراء في التعامل مع رمضان في الموسمين الماضيين بسبب الجائحة التي أثرت على المشاعر والأحاسيس، فالتركيز أصبح منصبًا على كيفية صيام رمضان دون الإصابة بأذى، وهكذا لم تعد شاعريتهم بذلك الحضور في رمضان والكتابة عنه.
مظاهر ثقافية وقال القاص د. صالح السهيمي: يحلُّ شهر رمضان وتحلُّ معه البركة والروحانية، فرمضان الروح والعبادة والأنوار، ورمضان الصوم والتراويح، وفي ذلك يقول الشاعر محمود عارف -رحمه الله-:
في رَحْبِ أرواحنا لاحتْ بوادرهُ
تهزُّ أشواقنا هزَّ الأراجيحِ
في كوكب الأرض شهر الصوم قد بزغت
أنواره تتجلى في التراويحِ
شهر له في قلوب الناس منزلة
وفي القلوب له نور المصابيحِ
تسمو أنواره الروحانية بالنفس، وترتقي بالقراءات المتنوعة، والأدبيات المتواكبة مع تعابيره الراقية ومعانيه السامية، وثقافته التي تحتفي بالإيمان في الكتابة والإبداع، حين تنسجم مع روحانية الشهر وفيوضاته التأملية يجتمع الأدب بالثقافة؛ ينشدان الروحانية عبر ميقات الزمن، ويستعيدان بوصلة الحياة باتجاه الإيمان، الوجهة التي تؤثث النفس بالعلاقات الاجتماعية والالتفاف الأسري والاجتماع العائلي، ويرصدان بعض العادات والتقاليد الثقافية المهمة والمتناغمة مع شهر رمضان؛ ولعل أبرزها: «المسحراتي» الذي لم يعد له وجود الآن سوى وجوده في الذاكرة التي شاخت بها الأيام، وأثقلتها الأعوام، سيظل المسحراتي من العادات الثقافية الرمضانية، وكذلك «الحكواتي الشفاهي» الذي يُعد جزءًا من الثقافة المتلاشية، وتتجلى بعض العادات القرائية في «قصص الأنبياء» و«سيرة ابن هشام» وغيرها من الثقافات القرائية في رمضان، وتتفرد الثقافة العربية والإسلامية بأهم القراءات المتمثلة في كتاب الله «القرآن الكريم» الذي يُعد الركيزة الثابتة عبر الأزمنة والأوقات.