د. محمد حامد الغامدي

n غاية في الأهمية أن نوظف العلم والأبحاث، ونعرف خطوات رتم البيئة في حياتنا. رسم وتحقيق الهدف عامل مهم لتجنب العمل من أجل بهرجة كتابة التقارير، حيث تصبح غايتها تبرير صرف الأموال، وذلك في غياب ربطها بالهدف المرسوم. أيضا ضياعا للوقت وللجهد، فتصبح عملية استنزاف مشؤومة. كمثال.. نعيش حالة تناقض دعاني لذكر هذا. في الوقت الذي نتبنى فيه (السعودية الخضراء)، هناك حالة موت آلاف شجر العرعر سنويا، دون اكتراث. تموت بشكل جماعي في مناطقنا المطيرة بجبال الحجاز والسراة. لماذا تتدنى المسؤولية البيئية إلى درجة تثير الشك والقلق، والريبة، بينما التقارير تقول بعكس هذا.

n مع رفع شعار المرحلة (السعودية الخضراء)، نجد الغطاء النباتي وصل مرحلة حرجة ومقلقة في مناطقنا الإستراتيجية الجغرافية المطيرة. وصلنا مرحلة معها نحتاج إلى مشروع إنقاذ عاجل لهذا الغطاء النباتي، حيث أصبح معظمه معرضا للهلاك والموت. وهذه منطقة الباحة نموذجا يوحي ويقول. يموت شجر العرعر واقفا، دون أدنى حراك مثمر من مسؤولي الجهات المسؤولة، أو حتى من مسؤولي هذه المنطقة.

n موت شجر العرعر، الذي يستحيل تعويضه، أصبح شاهدا على التفريط في شريطنا البيئي المطير في جبال الحجاز والسراة حيث موطنه، وأعتبره مؤشرا على تدهور وسلامة خزاننا المائي الإستراتيجي. فأين فلسفة ومفهوم استثمار الشجرة؟

n إن الوضع البيئي على أرض الواقع هو التقرير الصادق. والأهم في نجاح (السعودية الخضراء). أن يكون النجاح مستداما على أرض الواقع، وليس على صفحات التقارير وفواتير صرف الأموال ومسيراتها الرسمية. وليس أيضا بهدف استنزاف البيئة وقدح شرارة التنمر عليها واستغلالها بشكل سلبي.

n علينا استدعاء البيئة لحضور أي اجتماع أو دراسة في أي نقاش يدور حولها. البيئة لها إستراتيجيات، وتحمل مؤشرات إستراتيجية لا يمكن تجاهلها وإغفالها. تجاهلها يحمل محاذير الفشل. ويعمق طاحونة العمل في دائرة فراغ لا يقود إلى النهايات المأمولة.

n تتعدد البيئات في المملكة، وهذا يعني عدم فرض الأمر الواقع على هذه البيئات. كل بيئة بشخصية اعتبارية يجب احترامها واحترام مؤشرات نجاح التعامل معها على حدة، فكل بيئة استثمار لصالح أجيالنا القادمة.

n نجاح (السعودية الخضراء) مرهون بإيمان المواطن بأهمية أن تكون السعودية خضراء كاستثمار. ولنا عبرة في الكثير الذي تم إنجازه وتحقق نجاحه على المستوى الوطني. لكن جاء من الوزراء مَنْ اعتمد إلغاء هذه الإنجازات الخضراء بجرة قلم عمياء. لم يستطيعوا قراءة استدامة أهداف هذه المشاريع كاستثمار. كأنهم بهذا القلم وسلطته يقضون على الجهد والمشاريع الناجحة لمَنْ سبقهم. هل يتم هذا ليعطوا مشاريعهم حق التفرد والظهور؟ هكذا يكون التفسير في غياب مبررات مشروعة لإلغاء مشاريع قائمة وناجحة، وكان يمكن أن تكون خير مثال وقدوة للعالم بأسره على استثمار الشجرة.

n وحتى أكون واضحا ومنصفا، أتساءل: لماذا تم إلغاء قسم الغابات في الوزارة المعنية أو تهميشه خلال العقود الماضية، إلى درجة التوقف. والأهم لماذا جاء إلغاء مشروع حجز الرمال بالأحساء، الذي تأسس عام (1380 - 1960) وذلك لزراعة (10) ملايين شجرة، وكان بفكر وأيدي وعقول سعودية؟ الخبرة التراكمية والنجاح، الذي تحقق تم إلغاؤه بجرة قلم، دون مساءلة.

n لقد طور هذا المشروع الرائد على مستوى العالم من أدواته ووسائل نجاحه، فكان أن قدم للعالم تجربته الفريدة، زراعة الشجرة بالطريقة الجافة دون ري. وبدأ في ثمانينيات القرن الماضي في توسعة نشاطه، وقدم خطته لزراعة الأشجار حول الطرق بين مناطق المملكة، وبعد أن زرع الطريق بين بقيق والظهران وبنجاح تم إلغاؤه وإنهاء تطلعاته، والقضاء على الخبرات، التي اكتسبناها في هذا المجال. أخيرا أرجو ألا يعيد التاريخ نفسه مع منهج الإفشال الذي ساد.

@DrAlghamdiMH