د. عبدالوهاب القحطاني

تعرف الخصخصة بأنها العملية، التي يتم من خلالها انتقال أو تحويل ملكية الشركات والمؤسسات الإنتاجية والخدمية الحكومية إلى القطاع الخاص سواء ببيعها إلى عدد محدود من المستثمرين أو بطرحها للاكتتاب العام لعدد كبير من المستثمرين أو ما يعرف بالمساهمين.

للخصخصة أهداف كثيرة منها تحسين مستوى جودة الإنتاجية والكفاءة في التكلفة والتقليل من حالات الفساد وتطوير أسس المنافسة المحلية والعالمية وتركيز الحكومة على المهام الأساسية وتخفيف العبء عليها، وكذلك مساهمة الأفراد والشركات في التنمية الشاملة. تساعد الأموال التي تحصل عليها الحكومة من بيع شركاتها ومؤسساتها إلى القطاع الخاص في تمويل ميزانياتها السنوية. أرى أن الشفافية والحوكمة ومعايير المنافسة ستتحسن بعد تحول الكيانات الحكومية إلى القطاع الخاص من خلال الخصخصة المنسجمة مع المعايير العالمية.

تزداد الخصخصة في الدول النامية والأقل نموا عنها في الدول المتقدمة؛ لأن الحكومات في الدول النامية والأقل نمواً كانت ولا تزال تمتلك وتدير بعض الشركات والمؤسسات الإنتاجية والخدمية، وبالتالي تؤدي مهام القطاع الخاص، الذي لم تكن لديه القدرة على تحمل التكاليف والمخاطر، بل كانت ولا تزال بعض الدول حاضنة وداعمة لبعض الشركات والمؤسسات الإنتاجية والخدمية الحكومية لأهداف أمنية في المقام الأول. لقد ساعد ثراء المجتمعات المتقدمة على قيام كيانات اقتصادية كبيرة ومستقلة عن الحكومات منذ زمن بعيد كما هو الحال في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا.

تكمن الخطورة في الخصخصة إذا كانت الشركات والمؤسسات الحكومية في وضع مالي وإداري ضعيف قبل خصخصتها ما يعود على المستثمر سواء كان فردا أو مؤسسة بتكاليف عالية وعائدات ضعيفة متدنية أو ربما خسائر تؤدي إلى إفلاسها، لذلك أرى أن يكون الوضع الإداري والمالي والهيكلي للكيانات الحكومية وغير الحكومية سليماً وقوياً، بحيث تعكس القوائم المالية الواقع من غير تدليس أو تضليل. وأيضا يجب أن تكون قيمة الإصدار الاسمية وعلاوة الإصدار منسجمة مع قوة المنشأة المستهدفة من الخصخصة؛ لأن المبالغة في سعر الاكتتاب تؤثر على أدائها بما في ذلك العائد على رأس المال المستثمر، وبالتالي يؤثر في ثقة الأفراد والشركات، التي تستثمر فيها، وأيضا تؤثر في الاكتتابات المستقبلية.

المتوقع من مشروع خصخصة الكيانات الحكومية ارتفاع أسعار المنتجات والخدمات بعد خصخصتها؛ لأن توجهها سيكون ربحياً مثل الاتصالات السعودية، خاصة في حال الاحتكار الناتج عن عدد قليل من المنافسين وتزايد الطلب على منتجات وخدمات المؤسسات المخصخصة، لكن إذا كان عدد المنافسين كثيرا والطلب متوازنا مع العرض، فإن التضخم سينخفض، وبالتالي تصبح الأسعار تنافسية بجودة عالية.

يعتمد نجاح الخصخصة على عدة عوامل مثل السعر العادل، الذي يعود على المكتتبين بالفائدة، وينسجم مع أداء الكيان المخصخص، والقوائم المالية الشفافة، ومجلس الإدارة النزيه والمؤهل، والإدارة التنفيذية النزيهة والمؤهلة، والإستراتيجية المنسجمة مع الرسالة والرؤية والأهداف، والثقافة التنظيمية، والهيكل التنظيمي المنسجم مع البيئة الخارجية والبيئة الداخلية والتحكم والأهداف والخطط.

في الختام، ليس كل مؤسسة حكومية قابلة للخصخصة لأسباب أمنية وسيادية واقتصادية، لذلك نرى ضرورة بقاء المؤسسات الأمنية وبعض الصحية والتعليمية تحت إدارة وسيادة الدولة مهما كانت حاجتها للسيولة المالية.