صالح شيحة

حينما يُطلب منك أن تقوم بنقل رسالة شفوية، احرص على نقلها كما هي، فالأمر صعب للغاية، لا تقوم بحذف أو إضافة أو استبدال أو تعديل في محتواها.

أقول ذلك لأنه أصبح شيئاً زائداً عن الحد، ما نقوم به جميعاً -إلا مَنْ رحم ربي- أثناء تعاملاتنا اليومية، من عدم حرص على الصدق، لقد أصبح الكذب سمة أساسية، نحذف ونضيف ونستبدل ونعدل ما سمعناه من أجل أهداف خبيثة نسعى لتحقيقها، يحدث ذلك في كل مكان، في العمل، في المنزل، في الشارع، فتضيع الحقوق، وتزداد المشاكل بين البشر، وكأننا نتلذذ بذلك.

لقد اتفق البخاري ومسلم على أن سيدنا ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يُكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً».

واتفقا أيضاً على أن سيدنا عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أربع مَنْ كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومَنْ كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها:...، وإذا حدث كذب،...،...»

وروى البخاري أن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «أفْرَى الفِرَى أن يُري الرجل عينيه ما لم تريا» بمعنى أن تقول إنك رأيت في منامك كذا وكذا، وأنت لم تر ما تقول.

لذا، إذا كنت من الكاذبين، فليمتلئ قلبك رعباً من أن تكون أصبحت مكتوباً عند الله كذاباً، أو أن تكون من المنافقين، وأغمض عينيك قليلاً وتخيل أنك مُستلقٍ على قفاك، ويقوم أحد بشق جانب فمك ومنخارك وعينيك إلى قفاك في أحد جانبي وجهك، ثم يتحول إلى الجانب الآخر ويفعل به ما فعله بالجانب الأول، ويتكرر ذلك كثيراً، لقد ذكر الحبيب فيما معناه ذلك، أن هذا يحدث للرجل، الذي يغدو من بيته فيكذب الكذبة فتبلغ الآفاق.

ولكنني، أحب هذا الكذاب، الذى اتفق عليه البخاري ومسلم فى حديث أم كلثوم -رضي الله عنها-: أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيراً أو يقول خيراً».

وزاد مسلم في رواية: قالت أم كلثوم: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.

أنا عن نفسي أعترف بأنني كثير الكذب في هذه الأمور المباحة، علما بأنني لم أحارب يوماً.

@salehsheha1