ترجمة: إسلام فرج

تساعد في تحقيق أهداف روسيا الإستراتيجية

كشفت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية عن سيطرة الشركات المرتبطة بمجموعة المرتزقة الروسية المعروفة باسم «فاغنر» على حقوق التنقيب عن النفط والغاز.

وبحسب تقرير للمجلة الأمريكية، فإن إحدى الشركات الروسية التي أبرمت مؤخرا صفقة مع حكومة الأسد للتنقيب عن النفط والغاز في الخارج هي جزء من شبكة من الشركات التي تشكل مجموعة المرتزقة الروسية الغامضة المعروفة باسم «فاغنر»، التي لعبت دورا محوريا في أنشطة موسكو المزعزعة للاستقرار حول العالم.

وأشار التقرير إلى أن الصفقة المبرمة مع شركة كابيتال الروسية غير المعروفة سابقا، التي صادق عليها بشار الأسد في مارس، ستشهد نظريا قيام الشركة الروسية بالتنقيب عن النفط والغاز في منطقة مساحتها 2250 كيلومترا مربعا قبالة سواحل جنوب سوريا، بما يهدد بإثارة نزاع مع لبنان الذي قال: إن المنطقة تشمل بعض مياهه.

موطئ قدم

وتابعت «فورين بوليسي»: تأتي الصفقة في الوقت الذي تسعى فيه موسكو إلى ترسيخ موطئ قدمها الإستراتيجي في سوريا، وبالتالي توسيع نطاق وصولها في شرق البحر المتوسط.

ولفت إلى أن الصفقة تسلط الضوء أيضا على كيفية استمرار موسكو في الاستعانة في تحقيق أهداف سياستها الخارجية الأكثر تعقيدا بمقاولين عسكريين ينتمون للقطاع الخاص، يوفرون وسائل منخفضة المخاطر ومتعددة الاستخدامات للتدخل في جميع أنحاء العالم مع الحفاظ على قشرة رقيقة من الإنكار المعقول.

ومضى التقرير يقول: سعى مرتزقة «فاغنر» بنشاطهم الذي يمتد عبر العالم من أوكرانيا إلى فنزويلا، إلى استغلال احتياطيات الموارد الطبيعية المربحة في الدول الهشة. وأردف التقرير: يقال إن المتعاقد العسكري الخاص الأكثر شهرة في روسيا، وهو مجموعة مبهمة من الشركات يشار إليها مجتمعة باسم مجموعة «فاغنر»، يقودها يفغيني بريغوزين، الحليف المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي عاقبته الولايات المتحدة لمحاولته التدخل في انتخابات الرئاسة لعام 2016 والانتخابات النصفية 2018 في الولايات المتحدة، والآن يبدو أن شبكته تتدخل في مستقبل سوريا.

وأضاف: تظهر رسائل البريد الإلكتروني المسربة التي حصل عليها مركز الملفات، وهي وحدة تحقيق مقرها لندن ومولها الروسي المنفي ميخائيل خودوركوفسكي، وحللها مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة، وجود تداخل في هياكل الملكية بين «كابيتال» وغيرها من الشركات التابعة المعروفة لفاغنر العاملة في سوريا.

الحقول المحررة

وتابع التقرير بالقول: تم إدراج المدير العام المسمى في عقد كابيتال مع حكومة الأسد، إيغور فيكتوروفيتش خوديريف، على أنه كبير الجيولوجيين في جدول عمل داخلي تستخدمه «إيفروبوليس»، وهي شركة أخرى تابعة لـ«فاغنر»، والتي أبرمت في وقت سابق صفقة مع دمشق منحتها 25% من عائدات حقول النفط والغاز المحررة من سيطرة «داعش».

وأضاف: تتضمن رسائل البريد الإلكتروني الداخلية لشركة «إيفروبوليس» أيضا سجلات الشركة المتعلقة بـ«كابيتال» ومساهمها الوحيد، مما يشير إلى وجود تداخل في العمليات، ومضى يقول: تصدرت «إيفروبوليس» عناوين الصحف بعد اتهام مجموعة من الرجال العاملين في الشركة بالمسؤولية عن التعذيب الوحشي وقتل السوري حمدي بوتا، الذي تم تصويره بالفيديو في حقل غاز «الشاعر» بالقرب من تدمر في 2017.

وأردف يقول: في الدعوى الأولى من نوعها، قدم شقيق الضحية شكوى في المحاكم الروسية في مارس متهما «فاغنر» بارتكاب جرائم حرب.

واستطرد: في ليبيا، اتهمت القيادة الأمريكية الأفريقية عملاء «فاغنر» بوضع الأفخاخ وحقول الألغام بشكل عشوائي، وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، اتهموا بالتعذيب والاحتجاز التعسفي والإعدامات الجماعية.

وتابع: أبرمت شركتان أخريان على الأقل مرتبطتان بفاغنر صفقات نفط وغاز مع الحكومة السورية، وفي أواخر 2019، وافق البرلمان السوري على عقود استكشاف وتطوير 3 كتل برية يعتقد أن كل منها يحتوي على 250 مليار متر مكعب من الغاز.

مكافأة المرتزقة

وأردفت «فورين بوليسي»: ذكرت صحيفة «نوفايا غازيتا» الاستقصائية الروسية في وقت لاحق أن شركتي ميركوري وفيلادا تربطهما علاقات طويلة الأمد ببريغوزين، ومع ذلك نفت الخدمة الصحفية لشركته أن يكون لله أي صلة بالشركتين.

ومضى التقرير يقول: مثل هذه العقود هي بمثابة مكافأة لمجموعات المرتزقة التي قاتلت في الخفاء إلى جانب القوات السورية في بعض العمليات البرية الأكثر صعوبة في الحرب، ويعتقد أن المئات من المرتزقة الروس قتلوا باشتباكات في 2018 في دير الزور، حيث كانت تعمل وحدة صغيرة من القوات الكردية والأمريكية.

وأردف: قبل اندلاع الحرب في 2011، كانت سوريا تنتج أقل بقليل من 400 ألف برميل من النفط يوميا، أي أقل من نصف 1 ٪ من الإمدادات العالمية في ذلك الوقت، منذ ذلك الحين، انخفض الإنتاج بأكثر من 90%، ويقدر الآن بنحو 20 ألف برميل يوميا، نظرا لأن معظم حقول النفط الأكثر إنتاجية في البلاد تقع في مناطق لا تزال تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المتمردة في شمال شرق البلاد.

ونقل عن كرم الشعار، الخبير في الاقتصاد السوري، قوله: إذا ضخت شركات النفط الروسية أكثر من 10 ملايين برميل يوميا، فإن الصناعة السورية لا تستحق الجهد المبذول من وجهة نظر اقتصادية بحتة، لكن موسكو ترى في سوريا وصناعة الهيدروكربونات وسيلة للحفاظ على نفوذها في الوقت الذي تتطلع فيه البلاد إلى إعادة الإعمار بعد عقد من الصراع.

ولفت التقرير إلى أن وجود موطئ قدم أقوى في سوريا يساعد موسكو أيضا في تحقيق هدفها الطويل الأمد المتمثل في إعادة تأسيس وجودها في شرق البحر الأبيض المتوسط.