رويترز - واشنطن

موقف الرئيس الأمريكي داعم لإسرائيل وحل الصراع لم يكن من أولوياته

بردّه الخافت على بداية اعتداء الاحتلال على غزة، يلتزم الرئيس جو بايدن إلى حد كبير بالموقف الأمريكي المعتاد رغم ضغوط الديمقراطيين التقدميين من أجل التشدد مع إسرائيل وضغوط حلفاء الولايات المتحدة المطالبين بدور أنشط في إنهاء العنف على القطاع.

وقبيل الهدنة التي ستراقبها مصر، وبدأت بالفعل عند الساعة الثانية من صباح الجمعة بالتوقيت المحلي، فقد أتاح بايدن فعليًا المزيد من الوقت للقوات الإسرائيلية لمواصلة هجومها على الفلسطينيين بإشارته إلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة وابل الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة الخاضع لحكم حماس واكتفائه بوكزة فقط لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أجل وقف إطلاق النار.

والخميس قالت مصادر مطلعة على مجريات الأمور: إن المسؤولين الأمريكيين يأملون أن يصل الجانبان إلى نقطة يصبحان فيها على استعداد لإنهاء الهجمات في الأيام المقبلة، وأن تساعد الدبلوماسية الهادئة خلف الكواليس من أطراف إقليمية مثل مصر في تحقيق وقف للأعمال العدائية.

غير أن سعي بايدن لاجتياز الأزمة في قطاع غزة بكل حرص سيصبح موضع اختبار إذا ما زادت حدة القتال وارتفعت أعداد القتلى من المدنيين بشدة.

كتاب القواعدقال آرون ديفيد ميلر مفاوض السلام في الشرق الأوسط سابقًا في إدارات الديمقراطيين والجمهوريين «يوجد كتاب للقواعد يجري اتباعه، لكن هناك دائمًا مجالًا لما لا يمكن التنبؤ به».

وكان بايدن قد أوضح عندما تولى منصبه في يناير أنه يريد التركيز على جائحة فيروس كورونا والركود الاقتصادي في الداخل وتحديات مثل الصين وروسيا وإيران في الخارج.

لم يكن السعي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي كان مصدر إزعاج للرؤساء الأمريكيين على مدار عشرات السنين يشكل أولوية لبايدن، رغم أنه وعد بمراجعة بعض سياسات سلفه دونالد ترامب التي اعتُبرت على نطاق واسع منحازة بشدة لإسرائيل وكانت سببًا في استعداء الفلسطينيين.

ومرت أسابيع قبل أن يتحدث الرئيس الجديد مع نتنياهو اليميني الذي ربطته صلات قوية بترامب.

وباغت تفجر العنف مؤخرًا في غزة الإدارة الجديدة وجاءت ردودها حتى الآن متفقة مع نمط مألوف من رد الفعل.

فقد بدأ بايدن، النصير القديم لإسرائيل خلال عشرات السنين التي قضاها في مجلس الشيوخ وفي منصب نائب الرئيس، بدعم حق الاحتلال في الدفاع عن النفس في مواجهة الهجمات الصاروخية وهو ما دأب الرؤساء المتعاقبون على قوله عن إسرائيل حليف واشنطن الرئيسي في الشرق الأوسط.

ويأتي ذلك في وقت سعت فيه إدارة بايدن دون جدوى تذكر لتهدئة مخاوف إسرائيل وهي تتفاوض على عودتها المحتملة إلى الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015.

ولم يتحرك بايدن لإبداء دعمه لوقف إطلاق النار إلا يوم الإثنين بعد أن دمرت إسرائيل مبنى في غزة يضم مكاتب وكالة اسوشييتد برس وقناة الجزيرة، وزعم الاحتلال: بأنه يؤوي أيضًا متشددين.

استعداء الاحتلالغير أن البيت الأبيض أوضح أنه لا يطالب إسرائيل بالموافقة على وقف إطلاق النار حرصًا منه فيما يبدو على عدم استعدائها.

ويُعد القتال الحالي أخطر فصل في الصراع بين الجماعات الفلسطينية والاحتلال منذ سنوات، وفي تطور جديد يختلف عن نوبات الصراع السابقة في غزة ساهم القتال في تغذية العنف في مدن إسرائيلية بين العرب واليهود.

ويقول مسؤولون طبيون في غزة: إن 232 فلسطينيا، منهم 65 طفلا، قتلوا في حين أصيب أكثر من 1900 في الضربات الجوية وقصف المدفعية الإسرائيلي، فيما يقول الاحتلال: إن 12 شخصًا قُتلوا بينهم طفلان.

وانطلاقا من الفارق الكبير في الخسائر البشرية يطالب بعض الديمقراطيين التقدميين بايدن بأخذ موقف أكثر حزمًا من إسرائيل، وكانت هذه الفئة قد ساعدت بايدن في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي وفي الوصول إلى الرئاسة.

قال النائب الأمريكي رو خانا «نحن بحاجة للتوصل لوقف إطلاق النار، يجب أن يطالب به الرئيس وليس مجرد أن يقول: إنه يؤيده».

واجتمعت الأسبوع الماضي لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب التي يقودها ديمقراطي، وبعد الاجتماع قال بعض الأعضاء: إن رئيسها النائب جريجوري ميكس يعتزم إرسال رسالة يطالب فيها بايدن بإرجاء صفقة مقررة لبيع قنابل ذكية لإسرائيل قيمتها 735 مليون دولار.

غير أن ميكس قرر بحلول منتصف اليوم التالي عدم إرسال الرسالة.

انتقاد بايدنوقد سعى الجمهوريون لاستخدام الصراع في غزة في انتقاد بايدن والديمقراطيين، ويمثل الناخبون المؤيدون للاحتلال نسبة رئيسية في قاعدة الناخبين الجمهوريين كما أن كثيرين من مؤيدي إسرائيل أيضًا من الديمقراطيين والمستقلين.

وقال ميتش ماكونيل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ: إن كل مَن ينادي بوقف إطلاق النار «يقترح في الأساس وجود مساواة أخلاقية» بين إسرائيل وحركة حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة تنظيمًا إرهابيًا.

وقال «يوجد عدد كبير من الديمقراطيين الذين يريدون أن يغدروا بإسرائيل».

وفي الوقت نفسه وجدت إدارة بايدن نفسها معزولة في قضية غزة في الأمم المتحدة، فقد عرقلت الولايات المتحدة أي إجراء من جانب مجلس الأمن فيما يتعلق بالتطورات وقالت: إنه لن يسهم في تخفيف حدة الأزمة وإنها ستواصل الدبلوماسية المكثفة.

غير أن بايدن لم يعلن حتى الآن اسم سفيره لإسرائيل وأرسل إلى المنطقة مسؤولًا من المستوى المتوسط هو هادي عمرو نائب مساعد وزير الخارجية بدلًا من إرسال مبعوث أرفع.

وتود الإدارة السير في الأيام المقبلة في طريق يفضي إلى ما وصفه مصدر مطلع على الوضع بأنه استراحة إنسانية من العنف للسماح بتوصيل مساعدات إغاثة إلى غزة وتحقيق هدوء مستدام.

وقال المصدر: إنه من المعتقد أن إدارة بايدن تعد مبادرات مهمة فيما يتعلق بإعادة الإعمار في غزة.

وواجه بايدن هذه القضية يوم الثلاثاء خلال رحلة إلى ميشيجان حيث استقبلته النائبة الأمريكية رشيدة طليب أول أمريكية من أصل فلسطيني تدخل الكونجرس وهي من الديمقراطيين التقدميين البارزين.

وقالت طليب لبايدن: «لا بد من حماية الحقوق الفلسطينية وليس التفاوض عليها»، وذلك وفقًا لما رواه أحد أنصارها.