الكثير من الأمثال والمصطلحات الشعبية نرددها دون أن ندرك دلالتها اللغوية أو المكانية ونكتفي بها كموروث شعبي يختصر الكثير من الأسطر لإيصال فكرة محددة، فمصطلح (قريح) يستخدم لأكثر من معنى فهو إما أن يكون (بقريح أو في قريح) بمعنى أصابك الله بالقرحة أو تكون وصفا لكبيرة السن كثيرة السب (اللعانة) مختلقة المشاكل فيقال «عجوز قريح» كما يمكن أن يستخدم في الطرد فيقال «إذلف لقريح» باعتبار أن قريح اسم جني يطرده إليه.
ونحتاج كثيرا من الأحيان لقريح لنخفف عن أنفسنا وطأة سوء الظن وإن كنا لا نملك السلطة الحقيقية على قريح الجني أو المكان النائي فإن الدعوة التي نسلطها على من نحب ومن لا نحب إنما هي جانب تنفيسي بحت فقريح لن يخطفهم والقرحة لن تصيبهم إلا بأمر الله.
وفي المقابل قريح وأخواتها هي التسبيحة التي يسبح بها بعض البشر فلسانهم لا يفتر عن السب والشتم لمجرد الاشتباه بوقوع الضرر وسوء الظن وهذه التسبيحة من التسابيح الخفية التي يؤمن بها هذا الناسك ! فتراه يتمتم غاديا ورائحا بما يتيسر له من سباب ساعيا للانتقام المزعوم منهكا نفسه وجسده ظالما لها، ويزداد الأمر سوءا عندما يتعدى السباب إلى الألفاظ النابية القبيحة التي لا تليق والدعوات المتعدية، ومخالطو الشتامين اللعانين إما أن تنتقل لهم عدوى السباب أو أنهم يزدادون حلما وصبرا.
ولا أقصد الدعاء الذي جاء كردة فعل لظلم حقيقي واقع فالدعوات التي ترفع بظلم تفتح لها أبواب السماء وهو من الانتصار من بعد الظلم كما قال تعالى «ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل»، لكن اعتياد الدعاء والتجاوز فيه دون حاجة مدعاة لكسب العداوات وتفرق الأصدقاء والاتجاه نحو الوحدة فلا يوجد عاقل يرتاح للقرب من الشتامين.
وعموما التعامل مع الناس على اختلاف أصنافهم يدفعنا لأن نستخدم بعض الاختصارات التي تجلب لنا الانتصار بعض الأحيان وتحفظ كرامتنا، وحدثتني إحدى الزميلات أنها كلما تبسطت في الحديث في بعض «القروبات» وجدت من يناكفها ويفسر كل ما تكتب وفق هواه حتى باتت في خيالاتهم «خبيثة الطوية» ثم اتخذت أسلوب الصمت فوصفت بالمتكبرة فرفعت شعار «بقريح» فمهما تعرضت للاستثارة تذكرت شعارها وعاملت الجميع بحسن طويتها.
وبالرغم من أن قريح وأخواتها هي صنيعة الأجداد إلا أن الكثير منهم يتمتعون بلسان يقطر بلسما وتسبيحا حقيقيا وذكرا مباركا وكم صادفنا في حياتنا تلك الشخصيات الهينة اللينة التي تنساب حروفها كالماء العذب ولا تفتر ألسنتها عن التهليل والتكبير والدعوات الجميلة أولئك الذين تشعر في مجالستهم بأن للحياة طعما آخر وأنهم نعمة الله على هذا الكوكب ولا أدل من تعلق الأحفاد بالأجداد أكثر من آبائهم لما يلقون في أحضانهم من دفء عتيق طعمه لا يشبه طعم القلوب التي أفسدتها المدنية والحضارة فداست على براءتها ! وكم تمنيت ألا تنتهي أحاديث والدة صديقتي السبعينية التي قد تعاتب من يخالفها بقولها (بقريح) ولكنها تأبى أن تفصل أحاديثها الجميلة إلا بـ «لا إله إلا الله» مع مدة طويلة للام ودعوات جميلة أشعر معها بأنني أحلق في سماء الصفاء والنقاء، هذه الخالة لا أعتقد أنها إن نطقت بقريح فإنها تعنيها مهما شعرت بالظلم ولعل البيئة البسيطة والبراءة وصفاء القلب التي عاشتها انعكس عليها هدوءا وسكينة وراحة بال.
ومن المفارقات اللطيفة أنني امتدحت أمام أحد كبار السن حياتهم القديمة وأرواحهم البريئة فقال لي مبتسما «كنا نتقاتل على نخلة» !!! (ولكل قاعدة شواذ)!
@ghannia
ونحتاج كثيرا من الأحيان لقريح لنخفف عن أنفسنا وطأة سوء الظن وإن كنا لا نملك السلطة الحقيقية على قريح الجني أو المكان النائي فإن الدعوة التي نسلطها على من نحب ومن لا نحب إنما هي جانب تنفيسي بحت فقريح لن يخطفهم والقرحة لن تصيبهم إلا بأمر الله.
وفي المقابل قريح وأخواتها هي التسبيحة التي يسبح بها بعض البشر فلسانهم لا يفتر عن السب والشتم لمجرد الاشتباه بوقوع الضرر وسوء الظن وهذه التسبيحة من التسابيح الخفية التي يؤمن بها هذا الناسك ! فتراه يتمتم غاديا ورائحا بما يتيسر له من سباب ساعيا للانتقام المزعوم منهكا نفسه وجسده ظالما لها، ويزداد الأمر سوءا عندما يتعدى السباب إلى الألفاظ النابية القبيحة التي لا تليق والدعوات المتعدية، ومخالطو الشتامين اللعانين إما أن تنتقل لهم عدوى السباب أو أنهم يزدادون حلما وصبرا.
ولا أقصد الدعاء الذي جاء كردة فعل لظلم حقيقي واقع فالدعوات التي ترفع بظلم تفتح لها أبواب السماء وهو من الانتصار من بعد الظلم كما قال تعالى «ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل»، لكن اعتياد الدعاء والتجاوز فيه دون حاجة مدعاة لكسب العداوات وتفرق الأصدقاء والاتجاه نحو الوحدة فلا يوجد عاقل يرتاح للقرب من الشتامين.
وعموما التعامل مع الناس على اختلاف أصنافهم يدفعنا لأن نستخدم بعض الاختصارات التي تجلب لنا الانتصار بعض الأحيان وتحفظ كرامتنا، وحدثتني إحدى الزميلات أنها كلما تبسطت في الحديث في بعض «القروبات» وجدت من يناكفها ويفسر كل ما تكتب وفق هواه حتى باتت في خيالاتهم «خبيثة الطوية» ثم اتخذت أسلوب الصمت فوصفت بالمتكبرة فرفعت شعار «بقريح» فمهما تعرضت للاستثارة تذكرت شعارها وعاملت الجميع بحسن طويتها.
وبالرغم من أن قريح وأخواتها هي صنيعة الأجداد إلا أن الكثير منهم يتمتعون بلسان يقطر بلسما وتسبيحا حقيقيا وذكرا مباركا وكم صادفنا في حياتنا تلك الشخصيات الهينة اللينة التي تنساب حروفها كالماء العذب ولا تفتر ألسنتها عن التهليل والتكبير والدعوات الجميلة أولئك الذين تشعر في مجالستهم بأن للحياة طعما آخر وأنهم نعمة الله على هذا الكوكب ولا أدل من تعلق الأحفاد بالأجداد أكثر من آبائهم لما يلقون في أحضانهم من دفء عتيق طعمه لا يشبه طعم القلوب التي أفسدتها المدنية والحضارة فداست على براءتها ! وكم تمنيت ألا تنتهي أحاديث والدة صديقتي السبعينية التي قد تعاتب من يخالفها بقولها (بقريح) ولكنها تأبى أن تفصل أحاديثها الجميلة إلا بـ «لا إله إلا الله» مع مدة طويلة للام ودعوات جميلة أشعر معها بأنني أحلق في سماء الصفاء والنقاء، هذه الخالة لا أعتقد أنها إن نطقت بقريح فإنها تعنيها مهما شعرت بالظلم ولعل البيئة البسيطة والبراءة وصفاء القلب التي عاشتها انعكس عليها هدوءا وسكينة وراحة بال.
ومن المفارقات اللطيفة أنني امتدحت أمام أحد كبار السن حياتهم القديمة وأرواحهم البريئة فقال لي مبتسما «كنا نتقاتل على نخلة» !!! (ولكل قاعدة شواذ)!
@ghannia