خالد الشنيبر

أعلنت وزارة الموارد البشرية عن إطلاق برنامج نطاقات المطور، وبحسب ما تم الإعلان عنه يقدم البرنامج ثلاث مزايا رئيسية، الأولى «خطة توطين واضحة الرؤى وشفافة لمدة ثلاث سنوات قادمة بهدف زيادة الاستقرار التنظيمي لدى منشآت القطاع الخاص»، الثانية «العلاقة الطردية بين عدد العاملين ونسب التوطين المطلوبة لكل منشأة من خلال معادلة خطية ترتبط بشكل متناسب مع عدد العاملين لدى المنشأة»، والثالثة «تبسيط تصميم البرنامج من خلال دمج تصنيفات الأنشطة لتكون ٣٢ نشاطا بدلاً من ٨٥ نشاطا».

هناك قاعدة مهمة أكررها ومؤمن بها في سوق العمل، وملخصها كالتالي «أي قرار يصب في مصلحة التوطين النوعي سواء كان الاستهداف أنشطة أو مهنا فهو قرار يستهدف توفير فرص وظيفية حقيقية لأبناء وبنات الوطن لمواجهة تحديات البطالة كما هو مستهدف في رؤية المملكة، ولذلك من المهم أن نتفق عليه».

في الواقع ومع كل قرار سنجد إيجابيات وسلبيات وهذا الأمر طبيعي جداً، وسنجد اختلافا لقراءة وتحليل وتشخيص هذا القرار بناء على الطرف الذي ينتمي منه قارئ القرار سواء كان «جهة تشريعية، مختصا في سوق العمل، صاحب عمل، عاملا، متعطلا عن العمل في نفس التخصص، متعطلا في تخصص آخر، غير ذلك»، ولذلك لن تجد أي اتفاق عام على أي قرار يتم إصداره بخصوص التوطين أو حتى على سوق العمل بشكل عام، ولكن الأهم هو أننا نعيش في مرحلة بها آذان صاغية ومرونة في مراجعة القرارات بشكل دوري حتى لا يكون هناك أي أثر سلبي على أحد أطراف سوق العمل.

التعامل مع قضية البطالة في الوقت الحالي قد يكون قاسياً في ظل استمرار تداعيات أزمة فيروس كورونا والتي شملت تداعياتها جميع اقتصادات العالم بما فيها الاقتصاد السعودي، ولكل مرحلة ظروفها الخاصة ولذلك لا أستغرب من وجود أي قرارات بالرجوع خطوات للخلف، وذكرت سابقاً في مقال قبل ما يقارب الستة أشهر أن الإستراتيجيات الحالية التي سيتم تطبيقها ستعتمد بشكل كبير على التوظيف الكمي وباهتمام وتركيز بسيط على التوظيف النوعي، وهذا الأمر يدركه الكثير من المختصين والمطلعين على أسواق العمل حتى نتمكن من التعامل مع معدلات البطالة، ولذلك يعتبر هذا القرار هو الخيار الأنسب «إذا لم يكن الحل الوحيد» في الوقت الحالي أمام الوزارة حتى يتم السيطرة على معدلات البطالة وإعادة المسار للوصول للمستهدفات المُعلنة في رؤية المملكة.

بكل حيادية، ما نحتاجه فعلياً في الوقت الحالي وحتى نتمكن من التعامل مع قضية البطالة بالشكل الأنسب هو ولادة منشآت جديدة بمختلف أحجامها وَدعم استمرار المنشآت الحالية، فالسوق بشكل عام وعلى الصعيد العالمي يشهد خروجا لمنشآت بعدد غير مسبوق بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا مقارنة بدخول خجول لمنشآت جديدة، وكوجهة نظر شخصية أرى أن التحدي الأكبر في الوقت الحالي هو رفع أعداد منشآت القطاع الخاص بمعدلات أعلى من السابق، وحماية المنشآت الحالية لتقليص معدلات خروجها من السوق وذلك لفترة محددة حتى تتعافى من أثر صدمة أزمة فيروس كورونا.

في الوقت الحالي أتمنى من الوزارة أن تتريث في توجهاتها المقبلة والمختصة في تعديلات نظام العمل، فالمرحلة لا تتحمل إضافة أي حماية مفرطة لأحد الأطراف على الطرف الآخر، وقرارات التوطين المُقبلة التي تعمل عليها الوزارة ستكون كافية ومناسبة للوصول لعديد من مستهدفات الوزارة خلال الثلاث السنوات القادمة، وأنا كلي ثقة بأن مسؤولي الوزارة مدركون للمقصد من وجهة نظري الشخصية في هذا الجانب.

ختاماً؛ أعلم مدى حجم التحديات التي تواجهها وزارة الموارد البشرية في مسألة التوطين، لكن أرى أن هناك وزارات أخرى تحتاج للتحرك بشكل أكبر وأولها وزارة الاقتصاد والتخطيط، والتي أتمنى في يوم من الأيام أن أرى في هيكلها التنظيمي وكالة معنية بسوق العمل.

@Khaled_Bn_Moh