د. محجوب عبدالقادر

أصبحنا نعيش كارثة وبائية حقيقية لا مجال لإنكارها حتى لو تمكن العالم من إنتاج لقاح فعال لهذا الفيروس القاتل الفتاك، وستظل التجارب المؤلمة وفقدان الأحبة والأهل أمرا مقلقا ما لم يتم اتخاذ تدابير احترازية صارمة للحفاظ على البيئة وتركيز الموارد فيما يخص الاستدامة المالية للموارد، ومن المؤكد أن العودة إلى الحياة الطبيعية ستكون صعبة وبطيئة حتى بعد نجاح اللقاحات والانتهاء من التطعيم بها، فالركود الاقتصادي قد حل فعلا وأصابنا الكساد تماما وانعكس على الموارد المالية، حيث انتشر هذا الوباء في جميع الدول بطريقة جنونية وتضررت فئات كثيرة مادياً جراء الأزمة الحالية، وتعطلت حركة الاقتصاد والموارد المالية ووضع الاقتصاد العالمي برمته أمام تحدٍ حقيقي يحتاج إلى مساعدات إنسانية، فالعالم أمام تحدٍ لابتكار أساليب لمواجهة هذا الجائحة والوضع الاقتصادي وأن التحفيز المالي وتنمية الموارد واستدامتها هو الأجدى في المرحلة القادمة.

وفي تقديري النهوض التنموي الاقتصادي لا يمثل نجاحاً إذا لم يكن مشتملاً على عوامل تضمن الاستدامة المالية والذي هو مرهون بمدى قدرتنا على الحفاظ على الموارد المالية وتنميتها، حيث يمكن تحقيق نمو الموارد المالية من خلال المبادرات المختلفة، وكما هو معلوم أن الجمعيات الخيرية تلعب دوراً مهماً في تحقيق التنمية، وقد تطورت في أعمالها، فنجد أنها تقدم خدمات إنسانية نبيلة متنوعة وتدير أعمالها بصورة ذكية، حيث أصبحت تغطي جوانب كثيرة من الاحتياجات، بل إن بعضا منها يعمل على بناء قدرات ومهارات أبناء وبنات هذا المجتمع الطيب بما يحقق عائدا تنموياً للكفاءات البشرية، وهذا يساعد الفرد بصورة مباشرة وينعكس على التنمية الفعلية ويعزز من دور الجهات الخيرية باعتبارها رافداً مهما وركيزة أساسية يعتمد عليها في التنمية، ومن الجوانب المهمة التي بدأت الجهات الخيرية العناية بها تنويع الموارد المالية وذلك من أجل تسيير أعمالها بدلا من الاعتماد على مصدر واحد وهو التبرعات المباشرة من أصحاب الأيادي البيضاء جزاهم الله خيراً والذين يسارعون للعمل الخيري لتوفير ما يسد احتياجات تلك الفئات والتي قد تكون متفاوتة من عام لآخر باعتبار المتغيرات الاقتصادية التي قد تطرأ على المجتمع.

كما تزداد فرص حصول الجمعيات على الدعم وتنمية الموارد المالية بابتكار أساليب جديدة تساهم في جذب المانحين وأن يكون لديها ظهور إعلامي مميز عن طريق رفع مستوى الشفافية والحوكمة لدى المستفيد والداعم. كل هذه العناصر تعد أساسا لابد من العمل عليه لزيادة نسبة فرص الحصول على الدعم لمشاريعها، وبالتالي رفع سقف الأمان المالي بقدر قدرتها على إدارة أموالها بطريقة مهنية وحرفية تجعل المانحين راضين عن أدائها، هذا بلا شك سيزيد من فرص حصولها على إيرادات أخرى أكبر وأطول فيما لو كان تقييم الجهات المانحة لها جيداً، من خلال ابتكار مبادرات خاصة بها لتجذب الجهات المانحة والتسويق لها، وكذلك تطوير أنظمتها في سبيل اختصار الوقت والجهد، والعمل على أنظمة قوية مبتكرة ومصممة للجهات غير الربحية.

حيث إن القدرة على الحصول على الإيرادت المالية اللازمة لأنشطتها، ترتبط ارتباطاً مباشراً بحجم الخدمات التي تديرها المنظمة ومدى قوة العلاقات، وهذا ما يتحقق أيضاً بمدى الأثر النوعي الذي استطاعت المنظمة تركه خلال تنفيذ الأنشطة، وهنا يمكن أن تدخل في اتفاقيات شراكة ومذكرات تفاهم مع منظمات أخرى وذلك من أجل تنفيذ مشاريع استثمارية ضخمة، وبالتالي تحصل المنظمة على جزء من الإيرادات، بهذا تكون قد حققت الهدف المنشود.

ralhajri@psrc.org.sa