ماجد عبدالله السحيمي يكتب:

كثيرا ما يدور الحديث حول علاقات الناس ببعضهم، وخاصة مع كثرة تفاصيل الحياة وزيادة تنوعها وعمقها في كل اتجاه، تنطلق الأحكام من وعلى البشر بشكل متفاوت فهذا يرى الموقف عظيما جللا يبني عليه القرار وذاك يراه بسيطا لا يستحق الكلام وتلك تراه حدا فاصلا لا يمكن تجاوزه، في أغلب الأحوال إذا أحس الإنسان بأهمية الحكم على البشر فإنه معرض لفتح جبهات متعددة في العمل ومع الأقارب والأصدقاء وغيرهم ويصنف كل هؤلاء حسب مواقفهم وهنا يدخل في نفق الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود وفي نظري أن الناس ليسوا بحاجة إلى هموم إضافية فوق هموم حياتهم. ولذلك فمحدثكم الفقير إلى الله قرر منذ زمن أن يكون من المسلكين وأن يكون حكمي هو مؤاخذة الناس على ظواهرهم فالتغافل نعمة عظيمة علي قبل الآخرين ولإيماني المطلق بأن النيات لا يعلمها إلا عالم الغيب سبحانه وبذلك سأكون قرير العين مرتاح البال على غرار من سبقوني إلى ذلك. ولكن من الجهة الأخرى وحتى لا أخسر أصحاب الأحكام على البشر الذين يرون أهميته وأجاريهم قليلا وقبل ذلك أحترم رأيهم، فأقول لهم إن كان ولا بد من الحكم فقد اجتهدت لكم في وضع ثلاثة معايير تساعد وبشكل كبير ليكون الحكم عادلا ومستحقا منصفا لا ظالما. الأول هو من يصاحبك في السفر، فالسفر مقياس مهم لطول البال وتقلب المزاج والانفتاح في كل الأوقات فتعرفه قبل النوم وبعده وحين الخروج وقبله وحين الأكل والشراء والغضب والضحك، لأن الحياة العادية غالبا تظهرنا للآخرين بالوقت والمظهر اللذين نحبهما نحن أما في السفر فكل شيء ظاهر شكلا ووقتا. الثاني هو المال، فما أن تدخل مع شخص في أمر مالي إلا ويظهر ذلك ماهية هذا الشخص سواء كان دينا أو شراكة أو خلافهما، فمدى حرصه وتصرفاته والتزامه وإهماله تجاه هذا الأمر يعد معيارا مهما للحكم عليه. الأمر الثالث هو الاختلاف والذي قد يتطور إلى خلاف هنا تحضر أم المعايير وأبوها وجدتها فهل يكون منصفا عادلا في الاختلاف أم هادما لكل ما مضى جائرا على غيره أنانيا لنفسه، هل يصفك بعد الخلاف بما فيك فعليا فيثني عليك إن كنت تستحق الثناء أم يجعلك مجمعا لسوء الخصال كلها ناسفا لكل شيء آخر فيك وكأنك لم تعش إلا لهذا الأمر فقط الذي أسأت له فيه بنظره. قيل (ثلاثة أرباع الحكمة - العقل- في التغافل) وهنا لا يقصد الغفلة فشتان بينهما، فالتغافل هو غض الطرف من أجل عدم تعطيل الأمور وحتى تسلك الحياة فما من شخص وقف على كل صغيرة وكبيرة إلا كان الهم والقلق صاحبيه الوفيين، كفانا الله وإياكم كل شر.

وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا (النيات الطيبة لا تخسر أبدا).

@Majid_alsuhaimi