د. عبدالوهاب القحطاني

قامت شركة سعودية باختيار عدد من موظفيها لابتعاثهم للتدرب في إحدى مؤسسات التدريب المتقدمة في الولايات المتحدة، لكن أحد الموظفين لا يرغب في الابتعاث لأنه كان خائفاً من عدم استطاعته بالعودة إلى وظيفته وإحلالها بشخص آخر مقرب من الرئيس التنفيذي. حاول الرئيس التنفيذي إقناعه بأنه سيعود أكثر قوة ومهارة من السابق بعد تلقيه التدريب المتقدم.

الملاحظ في العقدين الأخيرين أننا نعيش عصراً تتغير فيه الكثير من المفاهيم والقيم والممارسات لأسباب كثيرة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية ما يحتم علينا مواكبة هذه التحديات بكفاءة عالية، فنحن جزء من هذه القرية الكونية الصغيرة. إن مواكبة التغيرات الاقتصادية على وجه الخصوص تتطلب التحول الهادف للأفضل بالرغم أنها من الأمور الصعبة لما تحدثه من صدمات لدى بعض الناس، الذين لا يفهمون الغاية منه أو لا يرغبون فيه لما يتوقعونه من جهد ووقت لمجاراته والتكيف معه، والبعض يراه تهديداً لمصالحهم بينما يراه البعض مغايراً لما تعودوا عليه. وفي جميع حالات عدم تقبل التغيير تظهر أصوات تقاومه وتشكك في أهدافه.

التغيير والتطوير والتحول الجذري السريع في ممارسات الناس تؤدي في بعض الأحيان للصدمة والمقاومة، خاصة عندما لا تكون جميع الأطراف المستهدفة من التطوير مشاركة في وضع خطة التغيير والتحول. ويصبح التغيير أكثر صعوبة إذا كان تأثيره السلبي مباشراً في حياة الناس وأداء المؤسسات الربحية وغير الربحية، الحكومية والخاصة لارتباط تأثيره بمختلف جوانب الاقتصاد.

معادلة التحول والتغيير والتطوير ذات أطراف كثيرة تتأثر بما يحدث من صدمات مقصودة وغير مقصودة، لذلك يؤكد خبراء التطوير والتحول أهمية مشاركة جميع هذه الأطراف في رسم خطة التحول وأهدافها وآليات تنفيذها وتوزيع أدوار المنفذين. إن فرض التغيير على هذه الأطراف من غير توضيح للأهداف والفوائد والتكاليف سيؤدي إلى صدمة ومقاومة، وبالتالي تتأخر خطة التحول والتطوير مما يهدر الكثير من الموارد المالية والبشرية والوقت.

ومن التحديات التي تواجه خطة التغيير والتطوير والتحول صياغتها في برج عاجي بعيداً عن المستهدفين منها سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات. وأؤكد أهمية الشفافية في صياغة أهداف التغيير والتطوير والتحول وإمكانية تحقيقها من خلال العنصر البشري المدرب والموارد المالية والتكنولوجية المتوافرة لإنجازه.

لا نلمس نتائج التغيير والتطوير والتحول الهادف في المدى القصير، خاصة البسطاء من الناس الذين يشكلون نسبة كبيرة بين المستهدفين والمستفيدين منه، لذلك أرى ضرورة التوعية المستمرة بأهميته وفوائده وتكاليفه وضرورته لكسب تعاون الناس في تنفيذه بأقل ما يمكن من التكاليف والمقاومة، التي قد تكون بسبب غموض أهداف التحول والتغيير وقصر النظر عند قراءة الفوائد، التي ستعود على جميع الأطراف المستهدفة من التغيير.

وفي الختام، علينا ترسيخ أهداف وآليات التغيير والتطوير وفوائده للمستفيدين من التدريب والتطوير، إضافة إلى مشاركة المستفيدين في رسم خطة التغيير والتحول. أما الصدمات القوية، فإنها محبطة وتساهم في مقاومة التطوير والتحول، لذلك علينا تفاديها بقدر المستطاع. وأوصي بالتحفيز والتدرج والتأني في التغيير والتطوير، فقد اثبتت الدراسات أهمية محفزات التغيير وسلاسته للوصول للغاية المنشودة من غير مقاومة وصدمات.

@dr_abdulwahhab