غنية الغافري

(الحنة) و(الزن) وصف لتكرار الطلب مع كثير الإزعاج وصيغة المبالغة منها «حنان» و«زنان» بتشديد النون وتزداد «الحنة والرنة والزن» حين ترجح كفة الفراغ فلا سبيل لقطعه إلا بكثرة الطلبات التي تشعر المرء بالإنجاز وتظهر هذه الصفة بشكل واضح لدى الأطفال والمراهقين وبعض النساء! وليس الرجال منها ببعيد فبعضهم حنان حد الثمالة!

أما النساء فحنتهن لطيفة ظريفة غالبها من أجل الحصول على مقتنيات مشابهة لما عند فلانة أو علانة فعالم النساء عالم مرهق شاق مليء بالمصاعب وعلاج الحنة لديهم سرعة تلبية الطلب أو الابتلاء بـ «بوز» ممدود قد يصل لشرق البلاد أو غربها! ثم فاجعة أسرية يمكن اتقاؤها بدراسة فورية عاجلة.. وليس كل النساء الحنانات «متبطرات» أو «مستكثرات» لكنه جزء من طرق الضغط في حين قد تكون بعض الحنة مطلوبة بل هي مواجهة صادقة لجبل لا يتزحزح ولا يحس ولا يشعر بمطالب المرأة وحقوقها بل يصم أذنيه ويغلق كافة منافذ الشعور حتى لا يطرق على بابه طارق العطف فتخطئ حساباته !

ونحن نعيش هذه الأيام بداية الإجازة السنوية الأخيرة في طول أيامها فلن تعد هذه النعمة سارية المفعول في السنوات القادمة حسب قرارات وزارة التعليم المتغيرة مما ينبئ في تقلص أسباب الحنة لأبنائنا والتي منها الإجازة الطويلة والفراغ مع عدم وجود برامج كافية تشغل أوقاتهم خاصة لدى الأسر التي ليس من جدولها السفر العائلي أو الترفيه الأسري الهادف مما يجعلهم يندفعون لاستكشاف ما حولهم دون تفكير فالبنات في أفضل الحالات يشغلن أوقاتهن بتصفح المواقع التجارية والتسوق غير المنتهي والكافيهات والصديقات، وكلها برامج ترهق الأهل ماديا ومعنويا، بينما ينشغل الشباب في الاجتماعات والتسكع وبرامج الألعاب بما فيها من متطلبات وربما النوم الذي يجعلهم يضيعون معه صلاتهم واستمراء ذلك حتى تموت قلوبهم ! مما يشعر الأهالي بالقلق تجاه هذا التفريط واختلال الأيام الذي ساقه لهم الفراغ.

وتنشط المؤسسات الاجتماعية في استقطاب الشباب غير أن الكثير من برامجها مستهلكة ولا تتماشى مع متغيرات العصر مما يجعل الشباب ينفرون منها خاصة أن الكثير منها يتم إعداده عن بعد مما يستوجب أفكارا جديدة وجهودا كبيرة في جعلها برامج لافتة للشباب والمراهقين.

ومن أجمل البرامج الحالية التي يمكن للشباب الانخراط بها والاستفادة منها برامج التطوع خاصة التي تنظمها وزارة الصحة بالتزامن مع جائحة كورونا بما يتناسب مع مهارات الشباب وقدراتهم، حيث إن الوزارة لديها العديد من المسارات التطوعية الإدارية والتنظيمية والتخصصية وفي الوقت الذي ذهبت فيه لأخذ جرعة التحصين ذهلت حقيقة من حجم العمل الذي يدار بنسبة كبيرة من خلال المتطوعين الممتلئين حماسة ورغبة في العطاء.

وديننا الإسلامي لا يقوم على الأنانية والفردية بل هو دين يحث على التعاون والعمل من أجل مجتمع قوي بأفراده، وعلى المربين دفع أبنائهم نحو إعلاء هذه القيمة الجميلة التي تمكنهم من اكتساب الخبرات والمعارف وتكوين مجتمع شبابي مسؤول، وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له».

ومن خلال الأشهر القادمة في هذه الإجازة الطويلة المثقلة بالأجواء الحارة علينا كمربين خلق أجواء ماتعة لأبنائنا واكتشاف كافة الفرص المعينة لهم في استغلال إجازاتهم لنتخلص من «الحنة والزن» فنحن المستفيد الأول من شغل أوقاتهم دون أن ننشغل بهم وبجدولهم المجهول !

@ghannia