أمجاد سند - الدمام

يعانون الأذى الجسدي والنفسي.. والفقر والحروب والجائحة أبرز الأسباب

في عام 2002 دشنت منظمة العمل الدولية اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، ليكون 12 يونيو في كل عام يومًا دوليًا لتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، والعمل على بذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة، وفي هذا اليوم تجتمع الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص ورجال الأعمال والمجتمع المدني لتسليط الأضواء على محنة الأطفال العاملين وكيفية مساعدتهم.

مبادرات عالمية

وعن أهمية هذا اليوم العالمي وأبعاده، أكد مستشار مركز اليونسكو للجودة والتميز في التعليم والمتخصص في تربية الطفل د. إبراهيم الحسين، أهمية الجهود والمبادرات العالمية والمجتمعية لمكافحة عمل الأطفال، وأثر هذا النوع من العمل المبكر على الأطفال بشكل خاص والتنمية المستدامة بشكل عام.

أرقام مقلقةوأضاف: الإحصاءات حول عمل الأطفال مقلقة للغاية، وعندما نقرأ هذه البيانات نشعر بأن المستقبل سيبدو كئيبًا للعديد من الدول التي تزداد بها معدلات عمال الأطفال، وتشير إحصاءات عام 2020 إلى أن هناك 152 مليون طفل في المرحلة العمرية 5-17 عاما حول العالم يقومون بأعمال، وأن 73 مليون طفل منهم ملحقون بأعمال خطرة، وأن ظاهرة عمالة الأطفال يتركز 71 % منها في المجال الزراعي، و17 % في قطاع الخدمات، و12 % في القطاع الصناعي.

فرص ضائعة وأشار إلى أن وراء هذه الإحصاءات فرص التعلم والنمو الضائعة التي يفقدها الطفل أثناء قيامه بأي نوع من أنواع العمل، سواء كانت خطرة أو قليلة الخطورة، وقبل ذلك يأتي الجانب الأخلاقي والإنساني الذي يلزم المجتمعات الإنسانية بحماية أطفالها، وتهيئة بيئات آمنة وصحية تساعد كل طفل على النمو السليم والتعلم في سياقات داعمة لتعلمه.

دلالة رمزية وأكد أن تخصيص يوم عالمي لمكافحة عمل الأطفال له دلالة رمزية للتذكير والعمل المشترك على الصعيد العالمي؛ لرفع الصوت عاليًا في مواجهة عمالة الأطفال، لذلك يدعو الهدف 87 من أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدها قادة العالم في عام 2015، المجتمع العالمي إلى اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة، وإنهاء الرق والاتجار بالبشر؛ لضمان حصر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025.

الإجهاد الساموأوضح أن عمل الأطفال يُعد نوعًا من أنواع الصدمة الخفية التي يتعرض لها الأطفال، وأكثر وأهم أجزاء جسم الطفل تأثرًا بعمل الأطفال هو الدماغ، لأن تعرض الطفل للصدمات النفسية نتيجة العمل القسري والمستمر، يتسبب في ضرر بدماغه، وهو ما يسمى «الإجهاد السام»، وتعرض الطفل للصدمات المستمرة بسبب العمل القسري يتسبب في آثار طويلة المدى في مجالات مثل: النمو الاجتماعي، والتعاطف والعزلة الاجتماعية، والتأخر الدراسي.

عواقب خطيرة

وتابع: يمكن القول إن عواقب عمل الأطفال خطيرة للغاية، سواء على الطفل أو المجتمع أو التنمية المستدامة بشكل عام، يمكن أن تؤدي عمالة الأطفال إلى أذى جسدي ونفسي كبير جدًا، بل قد يلقى العديد من الأطفال حتفهم ويفارقون الحياة بسبب العمل، الذي يؤدي أيضًا إلى الاستغلال الجنسي والاقتصادي، فهو يحرم الطفل من أهم وأبسط حقوقه التي تضمنتها اتفاقية حقوق الطفل التي وقع عليها قادة العالم، والتي تنص على حماية الطفل من الأذى الجسدي والنفسي وتأمين بيئات آمنة له، وتأمين فرص اللعب والتعلم.

نبل إنساني ويعتقد الحسين أن السعي العالمي نحو التقدم في القضاء على عمالة الأطفال يتضمن نبلًا إنسانيًا، وفعلًا نمائيًا في أدواته وغاياته، ويتطلب العمل على العديد من الأبعاد، أولها تعزيز التشريعات وأنظمة الحوكمة والسياسات التنموية التي تجرم وتعاقب عمالة الأطفال من جانب، والوقاية من الفقر باعتباره من العوامل الأساسية التي تدفع نحو عمالة الأطفال، من خلال التشبيك التنموي بين الدول والمؤسسات على الصعيد الدولي والإقليمي والوطني.

معدلات الفقروتابع: للأسف أن الاضطراب غير المسبوق لجائحة كورونا على المجتمع العالمي، وما تسببت فيه من أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة، أثر بشكل كبير وغير مسبوق أيضا على عمالة الأطفال، من خلال تفاقم معدلات الفقر التي سببتها خسارة مئات الآلاف من العالمين لوظائفهم على المستوى العالمي، والخاسر الأكبر هي الدول الفقيرة والدول التي تواجه أزمات، وتشير الإحصاءات إلى أن كل نقطة مئوية واحدة زيادة في معدلات الفقر، يقابلها زيادة 7 نقاط مئوية في نسبة عمل الأطفال، وأشارت دراسة تمت في إحدى الدول المنتجة للكاكاو إلى أن انخفاض أسعار الكاكاو في الأزمة الاقتصادية عام 1990 أوجد انخفاضًا بنسبة 10% في الدخل، وإلى انخفاض بأكثر من 3 نقاط مئوية في التسجيل في المدارس، وزيادة بأكثر من 5 نقاط مئوية في عمل الأطفال.

نداء اليونيسيف وأضاف: نتائج هذه الدراسات وحجم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها جائحة كورونا، تعطي مؤشرات تنبؤية مقلقة جدًا حول زيادة معدلات الفقر المتوقعة، وزيادة عمالة الأطفال في الوقت نفسه، بل أن العمل القسري للطفل يُعد من أشد أنواع العمل خطورة على الطفل والمجتمع والتنمية بشكل عام، لذلك أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» نداء عالميًا لمنع حدوث أزمة صحية للأطفال، ونادت بالعمل على الآتي:

• الحفاظ على صحة الأطفال وتغذيتهم الجيدة.

• الوصول إلى الأطفال المعرضين للخطر بالمياه والصرف الصحي والنظافة.

• دع الأطفال يتعلمون.

• دعم الأسر لتغطية احتياجاتهم ورعاية أطفالهم.

• حماية الأطفال من العنف والاستغلال وسوء المعاملة.

• حماية الأطفال اللاجئين والمهاجرين والمتضررين من النزاعات.

مسؤولية الجميع

واختتم حديثه قائلًا: لذلك فإن حماية الأطفال والقضاء على ظاهرة عمالة الأطفال مسؤولية الجميع، بدءًا من الحكومات إلى أصحاب الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني، وكذلك على المستوى الفردي، فكل إنسان عليه أن يعمل على أي مبادرة لتوفير بيئات آمنة لكل طفل، ويُعد اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال فرصة لنا جميعا للتشاور والحوار والعمل المشترك لنقول لكل أطفال العالم: أنتم كل المستقبل ومسؤوليتنا حمايتكم وتوفير كل ما من شأنه سعادتكم.