عبدالله إبراهيم العزمان يكتب:

هل كل ما يوجد في حياتنا له ثمن، وهل قيمة الأشياء توازي ثمنها؟

يخيل للبعض منا أن كل شيء في هذه الحياة، له ثمن ويمكن أن يحصل عليه بالمال، ولذلك يلهث البعض وراء جمع المال بأي طريقة كانت، بل ويتمنى الحصول عليه مهما كلف الأمر، لذا عرف عن ممثل مشهور عاش في بداية حياته فقيرًا، حتى إنه لم يكن ليجد الأكل الكافي، لذا كانت أمنيته أن يصبح ثرياً، حتى لو أصابته أمراض الدنيا، وقد تحقق له ما أراد، فقد جمع ثروة قدرت بحوالي نصف مليون جنيه، وهو رقم كبير آنذاك في فترة الخمسينيات الميلادية، لكنه أصيب بسرطان المعدة بعد أن أصبح ثرياً، ومُنع من تناول العديد من الأطعمة، وتوفي على إثر ذلك.

والناظر في أحوالنا في هذه الأيام، ونحن نمر بجائحة كورونا التي تجاوز عدد الوفيات فيها نصف مليون شخص حتى الآن، وبمعدل يصل إلى وفاة شخصٍ كل 18 ثانية وفقًا لإحصاءات رويترز، سيعلم حقيقة أن قيمة الصحة لا تقدر بثمن.

وفي الحياة أمور كثيرة أخرى، لا يمكن أن تقدر قيمتها بثمن، خذ على سبيل المثال، نعمة الهداية، فهي نعمة لا يمكن أن يقابلها ثمن مهما بلغ، فأن يختارك رب العالمين لأن تكون مسلمًا ويوفقك لعبادته وطاعته، في حين أنك تجد أن الملايين من البشر قد اجتالتهم الشياطين، فمنهم مَنْ يعبد أصناماً (قَالُوا۟ نَعۡبُدُ أَصۡنَامࣰا فَنَظَلُّ لَهَا عَـٰكِفِینَ. قَالَ هَلۡ یَسۡمَعُونَكُمۡ إِذۡ تَدۡعُونَ.أَوۡ یَنفَعُونَكُمۡ أَوۡ یَضُرُّونَ. قَالُوا۟ بَلۡ وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا كَذَ ٰلِكَ یَفۡعَلُونَ ).

وتجد أن أنساناً آخرين يعبدون شمسًا، والبعض الآخر بقراً، كأتباع الديانة الهندوسية في الهند، الذين يشكلون ما نسبته 80 % من عدد السكان، الذي يصل إلى ما يقارب المليار وأربعمائة مليون، وغيرهم يعبدون بشرًا، عند ذلك ستشعر بنعمة الله عليك (جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ... )

ومن الأمور التي لا تقدر بثمن كذلك، نعمة الوالدين، حيث لا يمكن أن تقدر نعمة وجودهما بأثمان الدنيا كلها، فحنان أم وعطف أب لا يقابلهما كنوز قارون، وقس على ذلك أمور أخرى كثيرة في حياتنا، كنعمة الستر، وصلاح الأبناء وبرهم، ونعمة الرضا.

ومن النعم العظيمة، التي لا تقدر بثمن كذلك نعمتا الأمن والأمان في الاوطان، فكم من شعوب حرمت من أن تعيش آمنة، فلا يأمن الرجل على نفسه وأهله بمجرد أن يغادر بيته، وكذلك نعمة الوطن، فكم من شعوب هجرت وعوائل تفرقت وبيوت خربت، فما تنفع الأموال وأنت لا تملك وطنًا، تحيا فيه وتنتمي إليه، فقيمة كثير من أمور حياتنا لا توازي موازين الأرض ذهبًا، فهل نستوعب ذلك قبل فوات الأوان.

قال شوقي:

أيا وَطَني لَقَيتُكَ بَعدَ يَأس

كَأَنّي قَد لَقيتُ بِكَ الشَبابا

وَكُلُّ مُسافِرٍ سَيَئوبُ يومًا

إِذا رُزِقَ السَلامَةَ وَالإِيابا

azmani21@