يتردد الكثير من الناس في مجتمعاتنا العربية في زيارة الطبيب النفسي برغم حاجتهم الماسة لذلك لأُسباب سأتطرق لها في هذا المقال. ويتسبب ذلك في كثير من الأحيان في استمرار المعاناة وظهور مضاعفات، قد تؤدي إلى أن يتأثر الشخص المصاب في نواحٍ كثيرة من حياته الأسرية، الاجتماعية والمهنية وغيرها، بينما قد يكون العلاج المبكر سببا في اختفاء الأعراض والشفاء بإذن الله. ويفضل الكثير من الناس ما يسمى بالطب الشعبي برغم من كون كثير من هؤلاء الممارسين غير مرخصين وقليلي الخبرة، وقد رأيت خلال ثلاثين سنة من حياتي المهنية كطبيب نفسي الكثير من المضاعفات والمآسي، التي تسبب فيها هؤلاء المدعون للطب الشعبي، التي يرقى بعضها لمستوى الخرافات والسحر والشعوذة، وممارسات تدعو للضحك أحياناً، ويصعب فهم تقبل الناس لهذه الممارسات ولكن اليائس يتعلق بقشة.
فيعتقد الكثير من الناس أن المرض النفسي هو ضعف في الشخصية أو الدين، ويصحب ذلك وصمة اجتماعية يتجنبها الكثير، والحقيقة أن أسباب المرض النفسي بيولوجية طبية في الأساس مثل كثير من الأمراض، فعلى سبيل المثال أذكر مرض السكر، فسببه نقص في الأنسولين وكذلك الأمراض النفسية سببها اختلال في موصلات عصبية في الدماغ مثل السيروتونين والأيبينفرين والدوبامين كما أثبتت الأبحاث العلمية، وهناك عوامل أخرى وراثية وضغوط نفسية تتسبب في شدة وتوقيت ظهور الأعراض، ولا ننسى أن كثيرا من الأمراض الطبية قد تتسبب في أعراض نفسية، فاعتلال الغدة الدرقية على سبيل المثال قد يتسبب في أعراض قلق واكتئاب. وللمعلومية، فإن نسب الإصابة بالأمراض النفسية في مجتمعاتنا العربية والغربية تكاد تكون متقاربة كما أثبتت ذلك إحصائيات المسح الوطني السعودي، فالجميع هم من بني الإنسان مع اختلافات بيئية وثقافية.
ويعتقد الكثير بأن مَنْ يزور الطبيب النفسي شخص مجنون فاقد لعقله، وتساهم الأفلام ووسائل الإعلام في ترسيخ هذه الصورة النمطية، بينما في الواقع أن غالبية مراجعي الطبيب النفسي يعانون من أمراض مثل القلق والاكتئاب، ويزور الأطفال الطبيب بسبب اضطرابات سلوكية وتعليمية، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وتشكل هذه الشرائح نسبة تقارب 80 % من مراجعي الطبيب النفسي. وهناك مَنْ يعتقد خطأً من أن الأطباء النفسيين لا يصفون لمرضاهم سوى المهدئات، وأن الأدوية النفسية تسبب الإدمان، والواقع أن هذا الاعتقاد كان سائداً في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي قبل حصول التقدم العلمي الكبير في مجال العقاقير النفسية خلال الخمسين سنة الماضية، فالمهدئات نادرا ما تستخدم وغالبية الأدوية النفسية لا تسبب الإدمان وبالعكس، فإن نسبة الآثار الجانبية لكثير من الأدوية المضادة للاكتئاب مثلاً أقل بكثير من الآثار الجانبية لأدوية ضغط الدم أو أدوية السكر.
وهناك الخوف من معرفة الآخرين بأن المريض يتلقى العلاج النفسي، واعتقاد أن ذلك قد يؤثر على مستقبله وفرص الوظيفة أو قد يؤثر ذلك على فرص زواج الفتاة؛ لأن أهل العريس قد يعلمون بكونها تراجع طبيبا نفسيا، والواقع أن المريض النفسي له حقوق في سرية مطلقة لمعلوماته محمية بالقانون، وكذلك أخلاقيات المهنة، التي تحمي سرية معلومات المريض، فليس من حق أي شخص أو حتى أي جهة حكومية الحصول على معلومات عن المريض بأي شكل من الأشكال إلا إذا وافق المريض على ذلك، ووقّع إقرارا لدى الجهة المعالجة، ومخالفة ذلك قد تؤدي إلى فقدان الترخيص المهني للطبيب أو الممارس الصحي وفقدان الوظيفة، وتطبق هذه القوانين في المملكة العربيه السعودية وكثير من البلدان الأخرى. واختم بالحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء» وقانا الله وإياكم من كل الأمراض.
@almaiahmad2
فيعتقد الكثير من الناس أن المرض النفسي هو ضعف في الشخصية أو الدين، ويصحب ذلك وصمة اجتماعية يتجنبها الكثير، والحقيقة أن أسباب المرض النفسي بيولوجية طبية في الأساس مثل كثير من الأمراض، فعلى سبيل المثال أذكر مرض السكر، فسببه نقص في الأنسولين وكذلك الأمراض النفسية سببها اختلال في موصلات عصبية في الدماغ مثل السيروتونين والأيبينفرين والدوبامين كما أثبتت الأبحاث العلمية، وهناك عوامل أخرى وراثية وضغوط نفسية تتسبب في شدة وتوقيت ظهور الأعراض، ولا ننسى أن كثيرا من الأمراض الطبية قد تتسبب في أعراض نفسية، فاعتلال الغدة الدرقية على سبيل المثال قد يتسبب في أعراض قلق واكتئاب. وللمعلومية، فإن نسب الإصابة بالأمراض النفسية في مجتمعاتنا العربية والغربية تكاد تكون متقاربة كما أثبتت ذلك إحصائيات المسح الوطني السعودي، فالجميع هم من بني الإنسان مع اختلافات بيئية وثقافية.
ويعتقد الكثير بأن مَنْ يزور الطبيب النفسي شخص مجنون فاقد لعقله، وتساهم الأفلام ووسائل الإعلام في ترسيخ هذه الصورة النمطية، بينما في الواقع أن غالبية مراجعي الطبيب النفسي يعانون من أمراض مثل القلق والاكتئاب، ويزور الأطفال الطبيب بسبب اضطرابات سلوكية وتعليمية، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وتشكل هذه الشرائح نسبة تقارب 80 % من مراجعي الطبيب النفسي. وهناك مَنْ يعتقد خطأً من أن الأطباء النفسيين لا يصفون لمرضاهم سوى المهدئات، وأن الأدوية النفسية تسبب الإدمان، والواقع أن هذا الاعتقاد كان سائداً في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي قبل حصول التقدم العلمي الكبير في مجال العقاقير النفسية خلال الخمسين سنة الماضية، فالمهدئات نادرا ما تستخدم وغالبية الأدوية النفسية لا تسبب الإدمان وبالعكس، فإن نسبة الآثار الجانبية لكثير من الأدوية المضادة للاكتئاب مثلاً أقل بكثير من الآثار الجانبية لأدوية ضغط الدم أو أدوية السكر.
وهناك الخوف من معرفة الآخرين بأن المريض يتلقى العلاج النفسي، واعتقاد أن ذلك قد يؤثر على مستقبله وفرص الوظيفة أو قد يؤثر ذلك على فرص زواج الفتاة؛ لأن أهل العريس قد يعلمون بكونها تراجع طبيبا نفسيا، والواقع أن المريض النفسي له حقوق في سرية مطلقة لمعلوماته محمية بالقانون، وكذلك أخلاقيات المهنة، التي تحمي سرية معلومات المريض، فليس من حق أي شخص أو حتى أي جهة حكومية الحصول على معلومات عن المريض بأي شكل من الأشكال إلا إذا وافق المريض على ذلك، ووقّع إقرارا لدى الجهة المعالجة، ومخالفة ذلك قد تؤدي إلى فقدان الترخيص المهني للطبيب أو الممارس الصحي وفقدان الوظيفة، وتطبق هذه القوانين في المملكة العربيه السعودية وكثير من البلدان الأخرى. واختم بالحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء» وقانا الله وإياكم من كل الأمراض.
@almaiahmad2