د ب أ - روما

نجح ماريو دراجي رئيس وزراء إيطاليا في تعزيز موقعه السياسي، وبدأ شركاؤه السياسيون يقتنعون بأنه سيبقى في السلطة حتى نهاية ولايته في 2023، وأشارت الكاتبة الإيطالية تشيارا ألبانيسي في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إلى أن هذا هو تقييم عدد من كبار المسؤولين في مختلف الأحزاب الرئيسية، وداخل الحكومة في إيطاليا.

وتولى رجل الاقتصاد والسياسي دراجي البالغ من العمر 73، رئاسة الحكومة الإيطالية قبل 4 أشهر، وخلال هذه الفترة القصيرة أشرف الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي على إطلاق برنامج التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد، وحصل على موافقة المفوضية الأوروبية على خططه لإنفاق 191.5 مليار يورو (228 مليار دولار) من أموال برامج التعافي الأوروبية من التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا.

ونقلت ألبانيسي عن مسؤولين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، القول إن أيًا من المجموعات الرئيسية الثلاث الداعمة لحكومة التكنوقراط برئاسة دراجي لن ترى فائدة في محاولة الإطاحة برئيس الوزراء قبل انتهاء ولايته، في ظل اتجاه الاقتصاد الإيطالي إلى تحقيق معدل نمو يفوق التوقعات الحكومية. كما أن عدم انتماء دراجي لحزب سياسي، يطمئن هذه المجموعات إلى أنه لن يكون منافسا لها في الانتخابات المقبلة.

وعندما تولى دراجي السلطة، خلفا لحكومة رئيس الوزراء السابق جوزيب كونتي التي انهارت في ذروة جائحة كورونا، تساءل ساسة كثيرون في إيطاليا عن مدى إمكانية بقاء الحكومة الجديدة إلى ما بعد فترة الطوارئ الناجمة عن الجائحة.

ويقول هؤلاء إن من بين أسرار نجاح دراجي، احتفاظه بالسيطرة على اتخاذ القرارات الأساسية، وهو ما سمح له بتحقيق التوازن الحرج بين المصالح المتنافسة لشركاء الائتلاف الحاكم. كما أعطاه ذلك فرصة لتطبيق سياسته التي يتوقع أن تؤتي ثمارها خلال فترة تتجاوز ولايته، وتمدد العمر الافتراضي لحكومته.

والآن يتوقع المسؤولون بقاء دراجي في منصبه بعد تقاعد الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا في فبراير المقبل، وهو المنصب الذي كانت وسائل الإعلام تتوقع أن يشغله دراجي، عقب تقاعد الرئيس. وبالطبع فإن تاريخ تقاعد رئيس الجمهورية موعد مهم بالنسبة للسياسة الإيطالية، لكنه بالنسبة لبعض السياسيين يعتبر مناسبة للتخلص من دراجي بدفعه إلى أعلى، وتوليته منصب الرئيس، وهو منصب مهم لكنه أيضا بمثابة كأس مسمومة.

ورغم أن منصب رئيس الجمهورية يعتبر شرفيا بدرجة كبيرة، فإن الرئيس في أوقات الاضطراب السياسي هو الذي يحدد من يتولى تشكيل الحكومة وهو أمر يتكرر كثيرا في إيطاليا. فرئيس الجمهورية في إيطاليا هو الضامن للديمقراطية في دولة عاشت أغلب تاريخها في ظل الديكتاتورية.

ويعني ذلك أن من سيخلف ماتاريلا، البالغ من العمر 79 عاما، ستكون له كلمة في تحديد مستقبل ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، ومن سيصبح رئيسا لوزراء البلاد.

والآن، وقد نجح دراجي في السيطرة على الأزمة الاقتصادية والصحية التي تعيشها إيطاليا، فقد بدأ يلتفت إلى المشكلات الأخرى، حيث يبحث سبل إصلاح الإدارة العامة، والقضاء ونظام الضرائب، وقد أدرك أن الوقت حان للإصلاح، بحسب ما ذكره المسؤولون.

وفي نفس الوقت، اتخذ دراجي العديد من الإجراءات لتعزيز سلطاته الشخصية، وهو ما يشير إلى رغبته في البقاء في الحكم لفترة أطول.

وأنشأ دراجي وحدة جديدة للأمن السيبراني، تتبع مكتب رئيس الوزراء مباشرة، ويسعى إلى تعزيز سيطرة الدولة على صفقات الاستحواذ الأجنبية على الشركات الإيطالية الحيوية. كما قام بتعيين رئيس جديد لجهاز الخدمة السرية الإيطالية، وقد عين أحد حلفائه محافظا للبنك المركزي الإيطالي.

وبحسب ألبانيسي، ساهمت الفوضى السياسية في إيطاليا في ايجاد الحوافز التي ساعدت دراجي، وأي محاولة لإجراء انتخابات مبكرة ستحتاج إلى دعم من أغلبية أعضاء مجلس النواب وهو أمر صعب حدوثه في ضوء التعديل الدستوري الذي تم العام الماضي وأدى إلى خفض عدد أعضاء مجلس النواب المقبل، وهو ما يعني أن النواب الحاليين سيواجهون صعوبة أكبر من المعتاد للاحتفاظ بمقاعدهم.