صالح شيحة

وصل التطور في مجال الذكاء الاصطناعي إلى أمور كان من الصعب أن نتخيلها، وتوقع البعض أن يحل الروبوت في المستقبل القريب محل الإنسان، على سبيل المثال، قال البعض: إن الذكاء الاصطناعي سيقوم بكتابة الأخبار والمقالات، -وهو بالطبع لن يستطيع أن يفعل ما يفعله المحرر المبدع-، وانتاب الصحافيون الخوف من أن تقوم مؤسساتهم بالتخلي عنهم، ولكن نسي الجميع، أن يقول هذه الحقيقة، إنه لم ولن يتميز أحد عن بني آدم.

لقد ميز الله البشر عن باقي المخلوقات، حتى الملائكة، إن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يستطيع أن يُبدع، أما الآلة التي صنعها هذا المبدع والتي تتميز بالسرعة العالية والقدرة العجيبة في الإجابة عن كل الأسئلة، فستظل مهما حدث لها من تطور، منفذة لأفكار الإنسان، لا تستطيع أن تفعل شيئاً دون فكرة من الإنسان.

مما سبق، يجب أن يكون أول الاهتمامات للقادة في المواقع الحكومية، هو القيام بكل ما يمكن من أجل الحفاظ على هذا المبدع، وأن يحرصوا كل الحرص على التمسك به وعدم القيام بأي سبب يجعله يفكر في الرحيل إلى مكان آخر يستغل قدراته، بالإضافة إلى استقطاب كل العقول الجبارة التي باستطاعتها ابتكار الأفكار.

انظر إلى (إدوارد ديمنج) المولود عام 1900 الأمريكي الجنسية، والحاصل على درجة الدكتوراة في الرياضيات والفيزياء من جامعة ييل.

لقد تعلم في بلاده، وأراد أن يرد الجميل إليها، وإذ به يذهب بفكرته إلى قادة الصناعة في أمريكا وإذ به يقابل بالتجاهل.

لم يكن يعلم قادة الصناعة في أمريكا، أن تجاهلهم لهذا الرجل سيكون سبباً رئيسياً لخسارة الشركات الأمريكية وتفوق الشركات اليابانية في توزيع وانتشار منتجاتها.

لقد كان ديمنج مدركاً أن الموظفين وحدهم هم المتحكمون في عملية الإنتاج، وابتكر نظريته المسماة بدائرة ديمنج والقائمة على أربعة محاور (خطط، نفذ، افحص، باشر).

وفي حين تجاهل قادة الصناعة في أمريكا فكرته، كان عليه أن يهاجر هو وفكرته إلى بلد آخر، لا تتجاهله.

لقد دمرت الحرب العالمية الثانية اليابان، ولكنها استطاعت أن تضع هدفاً وهو إعادة بناء اقتصادها، وكان من ضمن العوامل التي سيتحقق بها هذا البناء، والذي أدركته الحكومة اليابانية هو استقطاب هذا الرجل.

هذا ما سيحدث في القريب العاجل -إن شاء الله- أو هذا ما أتمناه، أن تحتوي بلادنا العربية علماءها وأن تصبح قبلة جميع العلماء في العالم عما قريب.