شيخة العامودي

الأحاديث في موضعها تغني الحدث وتضيف له، توضحه وتبين حقائقه وتدحض شبهاته، بغض النظر عن الآراء المتعددة في نفس الحدث إلا أن تناول الموضوع بقدر عال من ثقافة الحوار مفتاح لإثماره وتوضيح مجرياته أينما صبت روافده.

بعض الأحاديث لا لون لها ولا فكر يزينها بل هي تقود إلى العشوائية وتثير اللغط وتصنف الأحاديث حسب عباراتها وتوجهها إلى نبع مسموم من الفكر ولها أنواع كثيرة مثل بث الكراهية بين الأعراق، عقر الحوارات بالسب والشتم، التطاول على الحقائق بنسج الأكاذيب التي تستحدث لها قصصا تعود لجيل ورثه عن جيل إلى جيل إلى أن تصل بنا لعمق سحيق في التاريخ، أكاذيب عظيمة مدروس كيف تدس لإثبات فكرة ما أو الحث عليها أو التشكيك فيها.

أيضا من تلك الأحاديث الموبوءة الأحاديث التي تزرع الشك وهي في رأيي كسم عضال أشيع أنه سمم بحيرة عذبة في واحة وسط صحراء تقصدها قوافل البشر كلما عبروا فيمضون رغم العطش منها ويفضلون احتمالية الهلاك على إشاعة أثبتته، نادرون من سيقدمون على تجربتها بحذر وأندر من سيكتب بعد ذلك ملاحظة «البحيرة عذبة صالحة للشرب» وقليل من سيصدق وكثير سيرتابون فقد نما على أطراف الماء العذب بذور الشك.

أرى أن زرع الشك في الأمور أمر جلل يقود الناس للحيرة للتخبط ويضعهم في حالة نفسية غير مستقرة قد توجههم لوجهات قد تضرهم صحيا، ماديا، نفسيا، دينيا أو اجتماعيا، قد يقودهم الشك للتخلي عن تجربة قد تثريهم وتجعلهم يوجهون من بعدهم الأفراد لطريق النجاح، لطريق الاستقصاء، لطريق المعرفة والراحة والنجاة.

مثلا زرع الشك في اللقاح سبب عزوف البعض عنه، وزراعته في نوايا الاسترشاد النفسي جعل البعض ينكوي بالعلل النفسية مفضلا عدم اللجوء إليه، بذره في بعض العلوم التي تثير الفكر فتصل بك إلى الحقائق الجلية وتعمق إدراكك جعلها تأسر تلك العلوم في خانة الاتهام وتلت على الإبداع أحكام بالفناء.

أرى أن الكلمة أمانة وجهتها الخير وتجلي الحقائق وتثمر فكرا منيرا لا يرسي قواعده على الفرقة وبث الشر وتعميق الجهل وإثارة الشكوك غير المبررة، أرى من واجبنا النصح والإرشاد بعيدا عن التشكيك بل عن طريق التوجيه للحقائق للسلبيات والإيجابيات ثم ترك العقل البشري يقرر فإن أخطأ تعلم من خطئه وإن أصاب استبشر بخبرته واستفاد في كلتا الحالتين من تجربته.

* رافد

النصيحة نهج راق قد يقلبها الجهلاء دون وعي إلى منهج تشعباته لا تحمد عقباها، فاحذر الكلمة فإنها أمانة وما تؤول إليه إما وزر أو أجر.

@ALAmoudiSheika