أنيسة الشريف مكي

الفساد من الآفات الخطيرة، التي انتشرت في بعض المجتمعات في العالم ونحن من هذا العالم، مرضٍ سرطانيٍ ينتشر في مختلف مجالات الحياة ويعيق مسيرة التقدم والتنمية، في مختلف المجالات.

هذه الظاهرة التي لم تعد ظاهرة بعد ما تعهدت قيادتنا، وعلى رأسها سلمان الأمان، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان -حفظهما الله- باقتلاعها من جذورها، وهذا ما حصل وأكدته مقولة ولي العهد أوائل مايو 2017 «لن ينجو أي شخص تورط في قضية فساد أيا كان، لن ينجو متورط (وزيراً كان أو أميراً). نهجٌ بدأه -حفظه الله- بترسيخ قيم النزاهة والأمانة والموضوعية والحياد والشفافية للضرب بيد من حديد على الفساد، وردع المفسدين.

وعدٌ عكس ويعكس رؤية واضحة مصممة وقادرة على محاربة الفساد في كل القطاعات المختلفة من خلال نهج الشفافية والمكاشفة، التي تنتهجها المملكة بالإجراءات الوقائية، التي تلزم الجهات الحكومية باتخاذ جميع التدابير، التي تمنع حدوث أي تعارض في المصالح من أجل حماية الوطن والمال العام من الفساد ومنع الكسب غير المشروع.

نزاهة جهدها مشكور، حيث تتابع كشف حالات الفساد أولاً بأول. وتفاجئنا بحادثة فساد جديدة، وإن قلت كثيراً وكثيراً جداً في الوقت الحاضر.

لهؤلاء أقول أين الضمائر الحية؟ وأين المبادئ الأخلاقية، التي فطركم الله عليها، منحكم سبحانه العقل وميزكم عن سائر المخلوقات؟، أين القيم التي تحميمكم من أنفسكم فتميزون ما هو حق وما هو باطل.

وقبل كل شيء أين الخوف من الله؟!! (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ).

كلنا يعرف أن الضمير الحي إحساس أخلاقي داخلي عند كل إنسان، بوصلة تصرفاته، توجهه للوجهة السليمة وتحدد درجة نزاهته وأمانته، وشعوره بالراحة نتيجة نقاء ضميره هذا بالنسبة لنقي الضمير، الذي تربى تربية سليمة صالحة راعت الأمانة، التي اؤتمنت عليها وخشيت الوقوف أمام الرحمن سبحانه وتعالى، أما الشخص الذي مات ضميره وتربى تربية عشوائية لم تراع الأمانة، ولم تخف الوقوف أمام الله، فانتظروا منه أسوأ، بل الأكثر أسوأ مما تتوقعون.

كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، ولا أبرر للمفسد فساده بسبب تربيته الفاشلة، فقط أذكره بنعمة نسيها وأوامر غفل عنها أو تغافل بإرادته (وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).

(وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)، (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أولئك لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).

هذا المرض يؤمل استئصاله وبتره لأنه غدار ومعدٍ، أكثر من وباء كورونا، كالحية التي تتقن الاختباء وتنفث سمومها، وكورونا واضح، شفانا الله منهما وكفانا شرهما معاً.

aneesa_makki@hotmail.com