د. نورة عبدالله الهديب

تحت هذه الكلمات سوف أسرد بعض الدروس المُختصرة والمتنوعة، التي من شأنها أن تُحرِّك العقل قليلاً وتُفَعِّله بطريقة أو بأخرى. ولربما تُثار العاطفة -كذلك- نتيجة تفاعلها مع العقل إما باتزان أو إما بخلل. ولربما ينتج عن ذلك التفاعل حرب تكشف للقارئ مستوى طبيعته العقلانية والعاطفية. الدرس الأول، التمرد وهو سلوك وردة فعل يقوم بها الإنسان، إما أن تكون بدافع العاطفة أو المنطق وله أوجه متعددة، وكان لأحدها الفضل في تقدم البشرية إما بالعلوم والمعارف أو القوانين والأنظمة. على سبيل المثال، تمرد الإنسان على جهله وكسر القوانين السطحية والقيود، التي منعته من التقدم إلى الأمام. وهذا النوع من التمرد يكون صاحبه -عادةً- ذا رؤية مستقبلية جيدة.

ثانياً، لكل قاعدة زمان ومكان يحتوي ركائزها ومحتوياتها لفترة معينة، فثبات التغير هو الخط الذي تبدأ من خلاله القواعد وتنتهي. وأحياناً، الشذوذ عن القاعدة بداية لمرحلة تأسيسية لقاعدة جديدة ويكون محتواها -عادةً- هو الشذوذ عن القاعدة السابقة أو المعتادة. وتغير الأجيال وتطورها بما تحتويه من تربية وثقافة وتراث وغيرها، قادرة على صقل شذوذ القاعدة وتأطيرها بما يتناسب مع احتياجاتهم الزمانية والمكانية.

ثالثاً، زمن العقل «المنطق»، الذي نعيشه يُجبرنا على إعادة تعريف عقل الإنسان ودراسة آليته من جديد بغرض تحديث وظائفه واستخدامها بشكل أكثر فعالية. فالتقنية بإيجابياتها احتضنت عقولنا حتى اعتادت -مع الأسف- على الكسل، فأصبحنا نستيقظ من النوم الفعلي حتى نغُط في نوم من نوع آخر أمام بياناتها الرقمية. العقل بحد ذاته له وظائف عظيمة قامت بواجبها حتى استنسخت ذاتها على شكل «آلة» تؤدي مهامها بأشكال مختلفة، ماذا لو اختفت هذه الآلة؟ لذلك على الإنسان أن يراعي تغذية عقله، ويهتم بالمحتوى الغذائي الذي يُحرّك وظائف العقل وينمي مهاراته. على سبيل المثال، فإن التأمل إحدى وظائف العقل، الذي يُحرّك العاطفة -أيضاً- إذا أحسن العقل تفعيلها بالشكل الصحيح. ولكن تغيب بعض وظائف العقل بحضور «الآلة»، وذلك بحصر المعلومات والصور في إطار معين يُقيد حُرية العقل في التأمل.

رابعاً، التربية بالحوار والحوار نهج الأنبياء والرُسل عليهم الصلاة والسلام. كتبت بعض المقالات التربوية وطرحت بعض أساليبها، التي تغيب عن البعض منّا. وهنا أعيد باختصار أهمية الحوار التربوي، الذي يتميز عن النقاش والجدال والتوجيهات بميزة الاحتواء. فالحوار بين الأطراف يكون أقرب للعقل منه للعاطفة لأنه يبتعد عن التحيّز، وهذا ما يحتاجه الطفل في هذا الزمن. فلُغَة المنطق الآن تطغى على الكم المعلوماتي الهائل والمحيط بالطفل المفطورعلى حُب الاكتشاف.

وأخيراً، فإن الوعي حاجة قبل أن يكون ضرورة لكي يستطيع الإنسان أن يوازي بين عملية الأخذ والعطاء ليُحقق التوازن والوسطية في تعامله مع ظروف الحياة ومُعطياتها.

@FofKEDL