عبدالكريم الفالح

عقد من الدم.

عقد من الشر.

عقد من الهم.

عقود من الخوف.

عقود من الوجع.

لا تزال سوريا تهتز... تثور... تكتسي بالأحمر وبفكر قائدها، الذي لا يريد أن يعتبر بما مر به الذين سبقوه من طعن وجوع!!

الزعيم يقتل الضحايا في صور القبح، التي مرت على شوارع عالمنا العربي بينما العالم يتفرج!!

••• عاش السوريون في وطنهم متوجسين حائرين من روائح الخيانات، التي تهب حولهم وعنهم.

أتذكر أنني تلقيت دورة بالصحافة في الثمانينيات بدمشق زمن حافظ الأسد، وسألت استقبال الفندق عن «الفاكس»، الذي من خلاله أراسل صحيفتي فأجابوني بأنه ممنوع جدا، وعندما سألتهم عن السبب قالوا إنهم يخشون أن يستغله الإرهابيون والمجرمون لما فيه ضرر للبلد، ومن الممنوعات أيضا إدخال عملة صعبة للبلد!!

••• كان هذا قبل الإنترنت والإيميل، ولا أدري هل لا يزالون يمنعون الفاكس والإنترنت... هل لا يزالون يمنعون الحياة بكل تفاصيلها في دمشق وما جاورها... دمشق وريف دمشق والحسكة ودير الزور والرقة وحلب وإدلب واللاذقية وطرطوس وحماة وحمص.

هذه المدن والنواحي السورية نسمع صوت آهاتها بعد أن كنا نسمع صمتها. الصمت له صوت جميل أحيانا.

••• وسوريا لها تاريخ اقتصادي مهتز، حيث جثم حزب البعث على أنفاس الناس عام 1963، ووضع سياسات اشتراكية للتأميم والإصلاح الزراعي، ومنذ حوالي نصف قرن تولى حافظ الأسد السلطة وظل جزءا كبيرا من الاقتصاد تحت سيطرة الحكومة، ثم وجدت سوريا نفسها معزولة سياسيا واقتصاديا بحلول الثمانينيات، وفي خضم أزمة اقتصادية انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 22 في المائة بين عامي 1982 و1989.

والسؤال هو: هل لايزال جبل قاسيون يطل على الوطن «ليرى دمشق تعانق السحبا» كما هو في القصيدة الشهيرة؟

أم يراها خائفة... متوارية... حذرة

هل لا يزال الجولان يبكي من المذابح، التي ترتكب بحق أولاده وأبنائه... هل لا يزال يمسح دموعه منذ 54 سنة.

كان يمسح دموع الغربة عن الوطن وهو في أحضان إسرائيل.

الآن يمسح دموع غربة الوطن داخليا لفقد أبنائه وخارجيا عبر دموع الخوف من المحتل.

حتى القصائد شوهها «البعث» فبدلا من القصيدة الأصلية، التي نظمها الشاعر خليل خوري قائلا:

من قاسيون أطل يا وطني

فأرى دمشق تعانق السحبا

نيسان يدرج في مرابعها

والمجد ينثر فوقها الشهبا ‏

أزالوا كلمة المجد ووضعوا بدلا عنها «البعث»!!

@karimalfaleh