اتفق الجميع على حب خروف العيد من الوهلة الأولى التي يدخل فيها فناء المنزل، يحبه أبناؤنا؛ لأنه حدث يتزامن مع عيد الأضحى، استقبلناه قبل أيام، فيتناوبون على إطعامه، وتوفير الماء له كل حين حتى قبل أن ينفد، وأعتقد أنه يُصاب بتخمة بسبب تسابق الجميع لإطعامه.
أنا يتجدّد حبي لهذا الضيف؛ للأجر الذي سنناله، بمشيئة الله، عندما يُضحَّى به، ولأنه يعيدني لسنوات عديدة من ذكريات الطفولة، ويبث شريطًا منوعًا من قصصنا مع خروف العيد، سنوات تشتاق لها، حيث مذاقها الفريد الذي تحرص على أن تستقي صورًا منه لأبنائك.
قصص خروف العيد مرقَّمة حسب أعمارنا، عندما نتذكرها في جلسة تجمعنا، يستمع لنا أبناؤنا ويضحكون على المضحك منها، ويتخيّلوننا في معظم أحداثها، أذكر أننا بعد المسلسل الكرتوني هايدي أصبحنا نعشق خرفان العيد، ونتخيَّل أنفسنا في المروج نلهو معها، لم نعُد نخاف من إطعامه في اليوم الأول، ونتشجع بعد حين، عندما يجلس والدي فيكون ظهره حصنًا لنا نمد من جانبه ونحن خلفه أيدينا الصغيرة لنطعم الخروف بحذر، ثم بعد أن نطمئن نقف موازين له، ونترك حذرنا، وتبقى عين والدي رحمه الله تحرسنا.
كان يزعجني اللون الأحمر الذي يُرش على صوفه، وكنت أتمنى أن أحلقه، وفي أحد الأعوام تشكلت بيني وبين الخروف علاقة صداقة، فكنتُ أجلس ويربض بجانبي، وكنّا نغسله بالماء وملطف الشعر، كنّا حرفيًا نضحك من أرواحنا ونحن نقوم بذلك، وكنّا نتمنى تسريح صوفه، أطعمته قطعة من تفاحتي وعطَّرته من عطري، وقرأت له قصص الأطفال التي كنتُ أقرؤها، وضحكت كثيرًا كلما كان يصدر صوته، كنتُ أدخل المنزل مُكرَهة لأستيقظ صباحًا وأقضي وقتي معه.
في صباح العيد صحوتُ ولم أجده، أمي حفظها الله كانت تحثنا للاستعداد لزيارة جدي وعمتي رحمهما الله، حدَّثتُ نفسي سأعود لألهو معه، عُدنا من زيارة العيد، تفقدته ولم أجده، لم أسمع ثغاءه، وعندما سألتُ أمي شرحت لي ماذا حدث له.
بكيتُ كثيرًا، ورفضتُ أن أتناول طعام الغداء، وفي الليل لم أكن سعيدة بمبلغ العيديات التي امتلأت بها حقيبتي، وفي منامي حلمت بأنني اللهو معه.
في صباحنا نسيت كل ذلك الحزن، فمهارة نسيان الحزن المركّزة في طفولتنا، والتي نفقد آليتها كلما تقدَّم بنا العمر، كانت حاضرة بقوة، جلسنا حول والدي رحمه الله، وحكى لنا قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وابنه إسماعيل عليه السلام، وعندما انتهى قال: مَن يُجِب عن سؤالي سأضاعف له العيدية - تنبّهنا للسؤال - لو لم يُفدِ الله عز وجل بكرمه إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم، ماذا كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام سيقدِّم؟
لحظة صمت، ثم تنافسنا بنبرات أصواتنا المختلفة أنا، أنا، وصخب المكان، ابتسم والدي لحماسنا، وحرص رحمه الله على أن يختارني، وأجبتُ: ابنه إسماعيل عليه السلام.
قال رحمه الله بصوته الذي اشتقت له كثيرًا، لولا ذاك الهَدي لأضطررتُ لتقديم واحد منكم كل عام.
بعدها فهمتُ بعمق عظمة الأضحية والهَدي، وكيف أنها فدت أجيالًا وأجيالًا من الأبناء.
* عيدية
الأعياد وشعائرها الدينية، السُّنة منها والمستحب، احرصوا على أن تكون محاطة بكثير من الذكريات المبهجة، والدروس التي تقدم بأناقة ثياب العيد، فنحن لابد ماضون كما مضى غوالينا، وسيكون دومًا المرسال بيننا الذكريات.
@ALAmoudiSheika
أنا يتجدّد حبي لهذا الضيف؛ للأجر الذي سنناله، بمشيئة الله، عندما يُضحَّى به، ولأنه يعيدني لسنوات عديدة من ذكريات الطفولة، ويبث شريطًا منوعًا من قصصنا مع خروف العيد، سنوات تشتاق لها، حيث مذاقها الفريد الذي تحرص على أن تستقي صورًا منه لأبنائك.
قصص خروف العيد مرقَّمة حسب أعمارنا، عندما نتذكرها في جلسة تجمعنا، يستمع لنا أبناؤنا ويضحكون على المضحك منها، ويتخيّلوننا في معظم أحداثها، أذكر أننا بعد المسلسل الكرتوني هايدي أصبحنا نعشق خرفان العيد، ونتخيَّل أنفسنا في المروج نلهو معها، لم نعُد نخاف من إطعامه في اليوم الأول، ونتشجع بعد حين، عندما يجلس والدي فيكون ظهره حصنًا لنا نمد من جانبه ونحن خلفه أيدينا الصغيرة لنطعم الخروف بحذر، ثم بعد أن نطمئن نقف موازين له، ونترك حذرنا، وتبقى عين والدي رحمه الله تحرسنا.
كان يزعجني اللون الأحمر الذي يُرش على صوفه، وكنت أتمنى أن أحلقه، وفي أحد الأعوام تشكلت بيني وبين الخروف علاقة صداقة، فكنتُ أجلس ويربض بجانبي، وكنّا نغسله بالماء وملطف الشعر، كنّا حرفيًا نضحك من أرواحنا ونحن نقوم بذلك، وكنّا نتمنى تسريح صوفه، أطعمته قطعة من تفاحتي وعطَّرته من عطري، وقرأت له قصص الأطفال التي كنتُ أقرؤها، وضحكت كثيرًا كلما كان يصدر صوته، كنتُ أدخل المنزل مُكرَهة لأستيقظ صباحًا وأقضي وقتي معه.
في صباح العيد صحوتُ ولم أجده، أمي حفظها الله كانت تحثنا للاستعداد لزيارة جدي وعمتي رحمهما الله، حدَّثتُ نفسي سأعود لألهو معه، عُدنا من زيارة العيد، تفقدته ولم أجده، لم أسمع ثغاءه، وعندما سألتُ أمي شرحت لي ماذا حدث له.
بكيتُ كثيرًا، ورفضتُ أن أتناول طعام الغداء، وفي الليل لم أكن سعيدة بمبلغ العيديات التي امتلأت بها حقيبتي، وفي منامي حلمت بأنني اللهو معه.
في صباحنا نسيت كل ذلك الحزن، فمهارة نسيان الحزن المركّزة في طفولتنا، والتي نفقد آليتها كلما تقدَّم بنا العمر، كانت حاضرة بقوة، جلسنا حول والدي رحمه الله، وحكى لنا قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وابنه إسماعيل عليه السلام، وعندما انتهى قال: مَن يُجِب عن سؤالي سأضاعف له العيدية - تنبّهنا للسؤال - لو لم يُفدِ الله عز وجل بكرمه إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم، ماذا كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام سيقدِّم؟
لحظة صمت، ثم تنافسنا بنبرات أصواتنا المختلفة أنا، أنا، وصخب المكان، ابتسم والدي لحماسنا، وحرص رحمه الله على أن يختارني، وأجبتُ: ابنه إسماعيل عليه السلام.
قال رحمه الله بصوته الذي اشتقت له كثيرًا، لولا ذاك الهَدي لأضطررتُ لتقديم واحد منكم كل عام.
بعدها فهمتُ بعمق عظمة الأضحية والهَدي، وكيف أنها فدت أجيالًا وأجيالًا من الأبناء.
* عيدية
الأعياد وشعائرها الدينية، السُّنة منها والمستحب، احرصوا على أن تكون محاطة بكثير من الذكريات المبهجة، والدروس التي تقدم بأناقة ثياب العيد، فنحن لابد ماضون كما مضى غوالينا، وسيكون دومًا المرسال بيننا الذكريات.
@ALAmoudiSheika